د. أحمد فرحات يكتب: شعرية المرأة 

ينكر بعض النقاد وجود شعرية خاصة للمرأة، وأن الرجل والمرأة يتساويان في الموهبة والتعبير عنها، تختار القصيدة كاتبها، تماما كما تختار ناقدها، وفي كل قصيدة مفتاح فض شفرتها، وربما تجاوز الكاتب حدود ما رسمه وحدده لتخوم نصه بإضافة تفصيلات يراها تخدم هدفه، كذلك الناقد ربما تجاوز إطار منهجه، وتنقل بين مناهج عديدة إزاء تجاوز الكاتب للنص. إذًا هي مقاربة طردية بين النص والشاعر من جهة، وبين النص والناقد من جهة أخرى. فالعامل المشترك بين الناقد والشاعر/المبدع الأصلي للنص- هو النص ذاته. يبقى للمرأة بوحها الخاص، يختلف عن بوح الرجل، ومنهما معا يعلن الشعر نفسه متربعا على ذروة الإنتاج الإنساني.

شيرين العدوي شاعرة جموح، إذا ركبت الشعر فلا شيء يوقفها، ولا تقف عند حد من حدود النهاية،تقتات من ألمها كالنحل، لتفرزه شعرا مصفى للناس، تنير دياجير الظلام للحائرين، هي نسيج وحدها لتفردها في دنيا الشعر. إن قَدْرَ الشاعرة ومنزلتها وغزارة إنتاجها الفني يغريك أن تتجاوب معها في نص آخر لتكوين رؤية نقدية منصفة لهذا الإنتاج الضخم، وهذا لا يمنع مطلقا من دراسة المنجز كاملا لتحديد مكانها من الريادة في الشعر المصري المعاصر.

شريفة لسيد: ربط بعض النقاد رؤية الشاعرة شريفة السيد الشعرية بشعر نزار الرومانسي، لما وُجِدَ بينهما من ائتلاف واتفاق في المنزع الشعري، وتجاوب جماهيري شعبوي، مما أغرى الشاعرة بمعارضة شعر نزار في قصيدته المغناة”هل عندك شك” . والمعارضة فن شعري معروف منذ القدم، فلا يكاد يخلو منها عصر من عصور الشعر العربي، وكل شاعر ربما عارض دون أن يدري، أو يدري، فالمعارضة فن ظاهر غالبا ومستتر أحيانا، وهناك معارضات جلية تكشف عنها القراءة الأولى بيسر، وهناك معارضات مكنية مستترة لابد فيها من الدربة والتمرس حتى تصل إليها.
جيهان بركات: شاعرة تلعب بالحروف، تغازلها، تقتات من دلالاتها المتباينة، تعزف بها ألحانا عذبة، وقصائد شعر مخاتلة، لا تروم الوصول إلى حرفانية الصوفية، وتعميتهم، بقدر ما تميل إلى المغازلة والمقاربة من عالم الحرف الثر اللطيف، تتعامل الشاعرة جيهان بركات مع الحرف باعتباره عالما من الأسرار والرموز، تصل من خلاله إلى تماسك نصها الشعري بدءا من العنوان حتى أخر كلمة، في انسجام وترابط بعناصره الفنية الأخرى.

سلمى فايد: من بعيد يصل صوتها هادئا، عميقا عمق بئر بعيدة، ما إن تقرأ لها، أو تستمع إليها، يجذبك صوتها، واصلا إلى أغوارك البعيدة، ثم تعيد القراءة في استعذاب، وتقف بخيالك عند صورها وأخيلتها الشعرية، فيذهب خيالك معها إلى أقصى مدى تتخيله، تروم وصولا معها، ولا من وصول محقق، بيد أنك تقفز بخيالك إلى محاولة رسم الصورة وتقريبها من مخيلتك، فتشعر للتو أنك أمام قامة شعرية فذة. تأخذك الدهشة برهة تتغلغل في أعماقك ولا تكاد تبرحها إلا وقد أصابت منك رضا وراحة وطمأنينة إلى خصوصية شعرها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى