فور رحيله .. “وليمة حيدر حيدر ” على موائد المؤرخين والنقاد

المنامة – أسامة مهران

شعبان يوسف: ابداعه علامة رمزية لأوسع معركة أدبية في مصر 

أحمد فرحات: انقسم المجتمع عليه إلى فسطاطين

 

كأنها وليمة لأعشاب الموت، تلك التي تناقلتها الأخبار صباح اليوم معلنة وفاة الروائي السوري الكبير حيدر حيدر في مسقط رأسه طرطوس السورية.

من الشام حيث النظرة الأخيرة على جثمان الفقيد إلى القاهرة حيث الاستقبال المهيب للموت، من الأصل حيث المودعين من كل حدب وصوب، إلى الذاكرة حيث اجترار التاريخ بكل تفاصيله وأبعاده ومعاركه الحية.

الذاكرة لم تمت شأنها في ذلك شأن طبائع الأشياء، ولا الصراع الفكري العنيف الذي نشأ في أرض خصبة بحضن الكنانة قد سكتت عنه الألسنة ولا فارقته الظنون، من هنا مازال المنقسمون على حالهم، والفرقاء على أرضية الحلبة ينتظرون صافرة النهاية بعد الموت الرحيم لكن دون جدوى، الجميع يسنون أقلامهم لإعادة كتابة التاريخ، والجميع يتربصون ببعضهم البعض من أجل تحقيق الفوز العظيم.

شعبان يوسف يتحدث عن حيدر حيدر

المؤرخ المصري والشاعر الكبير شعبان يوسف لم ينجر الى الوراء مثلما انجر المتحفظون على الفقيد، ولم ير في ابداعاته ” جنس فج ” مثلما حاول ” الإخوان المسلمون ” تصوير روايته محل الجدل ” وليمة لأعشاب البحر ” على أنها خروجًا على إجماع الأمة والجماعة.

رحل حيدر حيدر ولم ترحل جداريته الجدلية معه، لم يقلد النقاد والفلاسفة فراعنة مصر القديمة ليدفنوا مع حيدر الجدل المثار ، ولا الأتر والإيثار ، ذلك أن شعبان يوسف قد توقف بالفعل مع ” مباشر ٢٤ ” ليواصل معنا ما كان مستغرقا فيه قبل قليل وهو يكتب عن الراحل السوري الكبير، التقط المؤرخ أنفاسه وشد معنا الرحال متذكرا الفقيد بواسع ابداعاته مثلما دعا له بالرحمة والمغفرة.

شعبان وهو يؤرخ تماما مثلما يكتب الشعر بأمانة واخلاص : الطبعة الاولى من كتاب الاديب الفقيد صاحبة الجدل العظيم صدرت في العام ١٩٨٣، والطبعة الثانية اصدرتها هيئة قصور الثقافة المصرية ضمن سلسلة آفاق عربية لرئيس تحريرها الروائي المصري الكبير إبراهيم أصلان وذلك في العام ٢٠٠٠.

ويواصل شعبان: كان الإخوان المسلمون آن ذاك قد اشتد عودهم واصبحت لديهم منابر ومنصات وصحف، من بينها صحيفة الشعب التي تصدرت المشهد الهجومي على وليمة حيدر حيدر بل على إبراهيم اصلان نفسه وهيئة قصور الثقافة حتى اضطرت الدولة آنذاك لمصادرة الرواية رغم احتجاجات المثقفين.

رغم ذلك لم يتوقف المفكرون او يتنازلوا عن عقيدتهم بأن نشر الإبداع هو حق لكل مبدع حتى لو اختلف البعض عليه دعوا الناس لتعرف وتحكم حيث الأصل في الأشياء التحليل لا التحريم، المنح وليس المنع، حتى خرج علينا وفقا لشهادة شعبان يوسف وزير الثقافة الأسبق الراحل والمفكر والناقد الكبير دكتور جابر عصفور بكتابه الشهير ” ضد التعصب ” مدافعًا عن الإبداع الحقيقي وعن رواية ” وليمة لأعشاب البحر “.

كما انبرى وزير الثقافة المصري الأسبق المفكر القدير الدكتور حلمي النمنم ليصدر كتابا كاملا يدافع فيه عن ” وليمة حيدر حيدر “.

أحمد فرحات يعلق على رحيل حيدر حيدر

أستاذ النقد الأدبي الدكتور أحمد فرحات يرى أن المعركة الأدبية التي فجرتها رواية الراحل الأديب حيدر حيدر قد قسمت المثقفين إلى فسطاطين، أحدهما معارض، والآخر مؤيد للنشر، أحدهما يرى في نشر الإبداع علامة صحة أيا كان مثلما هو دليل من أدلة حرية التعبير.

بينما يرى فريق آخر ان ثوابت المجتمع وتقاليده وتدينه أهم من الخروج به عن المألوف، حيث كان من بين المعارضين لنشر الرواية آنذاك الأديب المصري جابر قمحة الذي أصدر كتابًا بعنوان ” وليمة لأعشاب البحر في ميزان الإسلام والعقل والأدب” معتبرا رواية حيدر حيدر خروجًا عن حدود الدين الإسلامي .

ويذهب الدكتور احمد فرحات لابعد من وليمة الفقيد الكبير الى تاريخ المصادرات للأعمال الأدبية الرائعة مستذكرًا مصادرة كتاب في الشعر الجاهلي لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين ورواية “أولاد حارتنا” للأديب النوبلي الكبير نجيب محفوظ، ومنع فيلم ” المهاجر” ليوسف شاهين من دور السينما أنذاك لأسباب متشابهة تقريبًا مع ما حدث لرواية الأديب السوري الراحل الكبير حيدر حيدر رحمة الله عليه وغفر له وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

Related Articles

Back to top button