” إشارة مرور” قصة قصيرة للكتابة سوما الباز
الكاتبة سوما الباز
خطف قلبي بابتسامته البريئة، وقسماته المليحة، وهو يهم بمسح زجاج سيارتي الأمامي، عندما توقفت لدقائق معدودة في إشارة المرور، كان الجو شديد البرودة والشارع شبه خالٍ من المارة، في ذلك الوقت المبكر.
سألته عن اسمه فأجاب: فرج.
ناولته عدد من العملات فتناولها بلهفة وسعادة، ثم غادرني شاكرًا إلى سيارة أخرى، ظللتُ مكاني أنظر اليه إلى أن انتبهتُ على أصوات إنذار من سيارات خلفي تنبهني بفتح الإشارة.
وعند عودتي من عملي رأيتة ثانية، في زاوية بالقرب من المكان ينظر بحسرة لطفل في مثل عمره، يتناول طعامه مع والدية، في مطعم مقابل.
ركنتُ سيارتي بالقرب منه وجلستُ بجانبه، فانتبه لي وأهداني ابتسامته الجميلة، مددت يدي بالسلام وقلت كيف حالك يا فرج ؟ أنا نور
رد السلام بسعادة فأخذتُ بيده وصحبته إلى المطعم الفاخر، نظر إلي بدهشة وقال:
_ لكنني لا أملك ثمن الطعام
_ مارأيك أنا أّضيِّفُكَ اليوم ياصديقي وفي مرة أخرى تُضيِّفني أنتَ
احتضن يدي بسعادة أثناء خروجنا من المطعم بعد أن تناول كل مايشتهيه من الطعام.
طبعتُ قبلةً على خدِّه وانطلقت بسيارتي على وعد بلقاء قريب.
لم أستطع النوم تلك الليلة فقد شغلني كلام فرج وأنه لا يعلم له أهلًا غير عشماوي الذي يأويه مع خمسة أطفال مثله، في حجرة على سطح منزله، ويوصلهم إلى أماكن عملهم، صباحًا ويعود بهم فى المساء ليحصل على ماجمعوه من مال.
إحساس قوي تملكني أن هؤلاء الأطفال مختطفون.
على الرغم من أنه يجبرهم على مناداته “أبونا عشماوي” إلا أنه فظُّ غليظ القلب معهم، يخافون بطشه.
نهضتُ من فراشي وتوجهت إلى قسم الشرطة حيث يعمل حسام ابن خالتي ورويتُ له قصة فرج ووعدني بالتصرف السريع لمعرفة حقيقة أمره .
وبعد يومين أبلغني حسام أن التحريات أثبتت اختطاف عشماوي لهؤلاء الأطفال واستغلالهم، وتم القبض عليه والتحفظ على الأطفال لحين إيداعهم في إحدى دور الرعاية .
فتحت هاتفي وشاركت صورة فرج في عدة مواقع وصفحات تهتم بالأطفال المفقودين، وفي الصباح التالي تلقيت اتصالا من سيدة رقيقة الصوت تؤكد أن هذا الطفل هو ابنها أدم المفقود منذ عامين .
اصطحبتها إلى قسم الشرطة وكم كانت سعادتي وهي تحتضن طفلها بشوق وسعادة، غادرنا بعد إنهاء الإجراءات وأصررت على توصيلهم إلى المنزل
وعندما توقفت في نفس إشارة المرور نظرت إلي أدم وابتسمت له بحب فبادلني الابتسامة ثم أغلق عينية وهو يغوص في حضن أمه في أمان وسلام.
سوما الباز
اقرأ ايضا:
ماهي أقدم دولة المغرب أم الجزائر؟ وسبب تسمية الجزائر بهذا الاسم