الشاعر عبدالناصر الجوهري يكتب قصيدة جديدة بعنوان “الرَّسْمُ بلـــــــــونٍ واحدٍ”
أصدر الشاعر عبدالناصر الجوهري قصيدة جديدة بعنوان ” الرسم بلون واحد” وجاء نصها كالتالي:
ماذا لو أرْسمُ ،
والرَّسْمُ تحقَّق – في الحال – مُصادفةً ،
وتواردْ
إذْ ما كان خيالًا أُبْصرهُ ،
صار أمامي
يلْمحهُ النَّظرُ الرَّاصدْ
ما رسمتْه كفَّاى تجسَّد ،
بل صار المألوف السَّائدْ
ماذا أرْسمُ ؟
أرْسمُ شعبًا عربيًّا
يزحفُ نحو “الأقصى”
ليصدَّ المُسْتوطنَ ،
مزدوج الجنسيَّة،
ذاك الحاقدْ
أرسمُ طبْعًا وطنًا وألوِّنهُ،
تجْمعهُ الفُرْشاةُ بلونٍ
واحدْ
ليس يفرِّقه المسْتعمرُ..
مهما مزَّقه
إربًا
إربًا
حتى يهديه لسمسارٍ جاحدْ
أرسم زيتونًا بدمائي لو نفدت ألواني،
أرسمه
أمام الجرَّافة في البيْدر صامدْ
أرْسمُ في لوحة أناتي رجلاً
جاء يوحِّد فِقْه سَقِيفتنا،
ومذاهبنا
أرسمُ طبعًا للأُمَّةِ قائدْ
ساعده يحنو في الأسواق علىَّ
وعيناه تحوِّط جوعي،
يعْدُل فينا
يأتي وَرِعًا ،
زاهدْ
ليس بخائن عهْدٍ ؛
لو عاهدْ
أرسمُ مُلْهمةً حين تُودِّعنى
بنعومةِ قُبْلتها
ولماها الباردْ
لو أخذوني للحربِ غدًا؛
ما ملَّت شوقَ عناقى؛
حين أعاودْ
أرسمُ متْنَ مُعلَّقةٍ باسمةٍ
فوق الكعْبةِ،
للشَّارد ،
والواردْ
أرسمُ وادى “عبقرَ..”
حين يُدثِّر جُلَّ بلاغتنا
فى صدْر الصَّحْراء الناهدْ
أرسمُ “طرْفة ” لكنْ لا يحملُ يومًا معهُ
متْنَ رسالة مقْتلهِ
للقصَّاب المُنْتظر المُتواعدْ
أرسم “وضاح اليمن” اليوم
ولكنْ لا يعشق زوجة سلطانٍ،
أو يُحْبسهُ صنْدوقٌ بائدْ
أرسمُ قصْر” الحمْراء” ،
وصالون “الولَّادة “في “قرطبةٍ”
تجتر فصاحتها
فاعتزلتْ أمويتها دون قلائدْ
أرسمُ “زَرْيابَ” يُغنِّي
مُصْطحبًا وترًا استحدثهُ دون مكائدْ
أرسمُ رسمًا يأخذنى؛
لأُطوِّفَ فى لُغتى
مُصْطحبًا فى حافلتى
دفترَ إطْنابي الراشدْ
أرسمُ قافيةً
لا يعرف كيف يُقلِّدها المُتشاعرُ،
أو صعْلوكُ المُنْتدياتِ المُتقاعدْ
لو يختلطُ الدَّمْعُ بألواني
أرسمُ بالدَّمْعِ؛
فيرتجلُ الدَّمْعُ قصائدْ
أرسمُ مقْبرةً
ضمَّتْ أُمِّى الرِّيفيَّةَ،
مُعْتزمًا أنْ أقرأ فاتحةً ،
أدعيةً
للجسد الرَّاقدْ
حين أمرُّ بها
أنثرُ دمْعى مثل مُرور القمر الشاردْ
لكنَّ الصبَّارَ هنالك مشغولٌ بالموتى
ليس معى – عند رواحى – يسْترسل ..
أنشودة حزني العائدْ
أرسمُ شمْسًا
لا تُهْلكُ وجْه “عطاردْ”
أرسمُ دارةَ جدِّي
بتماثيل الجبْس
وشرفتها سيِّدة الظلِّ المُتعامدْ
أرسمُ فلَّاحًا يسقي أرضًا،
شادوفًا
في آخر جسرٍ،
وخيالَ مآتةِ يبدو من بين حقول الحنطة..
كالماردْ
أرسم جنديًّا يعبر مانع “بارليف”،
وألسنة النابلم ،
ويرفعُ خوْذتهُ
وسط التكبيرالمُتزايدْ
أرسمُ بارجةً تعتزلُ الحرب الاستعماريَّة،َ
لا تغريها صفقاتٌ ،
وفتات موائدْ
حتى لو نفدتْ ألواني
وانقلبت أقلامي
سأظلَّ أعاندْ
أرسمُ حلمًا
في خلْوتُه إمَّا صائم ،
أو ساجدْ
لم يبقَ سواهُ الحُلْمُ
بلوني المُحْتمل المُبْعد كاللاجئ،
والجسد بلا روح مُتباعدْ
أرْسمُ رسمًا مُرْتجلًا مُتصاعدْ
مثلي لا يمْلكُ مرْسم،
أو معْرض،
أرسم ذاتي ؛
كوني المفقودُ الفاقدْ
أرْسمُ،
أرْسمُ؛
لكنْ مَنْ سيُشاهدْ؟
شِعْر: عبدالناصر الجوهري – مصر
اقرأ ايضا:
” منْ دفْترِ اللَّيلْ”.. قصيدة لـ الشاعر عباس محمود عامر