أسامة مهران يكتب: القديم والجديد وتمكين الوطن

 

يحسبه البعض صراعًا بين الأجيال، ومعارك من خلف ستار، ذلك الإحلال والتبديل بين الراحل والقادم، مقاومة من أجل البقاء، أم استقبال حافل لمن يملكون زخم الشباب وعنفوان الصبا، على حساب من يمتلكون الخبرات والمهارات وصرامة المحتوى.

 

سؤال يفرض نفسه على المرحلة، لمن يذهب التمكين يا ترى؟ للقادمين الجدد، أم للذاهبين إلى التقاعد؟ للمرأة بأحلامها وطموحها وقضاياها المعلقة، أم للرجل العفي القادر على العطاء في أي مجال وفي أي عُمر؟

الأسئلة مطروحة إزاء ما يحدث من عمليات إحلال وتبديل في مختلف مواقع العمل، هل يا ترى الدماء الجديدة تستطيع تحمل المسئوليات كلها؟ هل يا ترى يمكنها قيادة سفينة الوطن بمفردها؟ وهل يا ترى تمكين الشباب أو أي فئة من المجتمع بتهميش الفئات الأخرى؟

 

بكل تأكيد وفي المجتمعات المتقدمة نرى أن تعاقب الأجيال سنة حميدة، إتاحة الفرصة للشباب كي تعود عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية أمر مفروغ منه، لكن الخلطة السحرية بين الخبرة والحماس، بين التجارب والطموح، ثم بين الماضي والحاضر وصولاً للمستقبل، يتطلب من دون أدنى شك إعادة النظر في الرؤية التنموية للبلاد 2050، بحيث تستطيع استيعاب المشاركات من كل قادر وقدير، من كل عالم وعليم، فليس كل متقاعد غير قادر على الابتكار، فنجيب محفوظ حصد نوبل للأدب بعد الستين، بل بعد روايته الشهيرة “الحرافيش” التي كتبها أيضًا بعد “الستين”، وأهم رؤساء الدول العظمى يستعدون لانتخابات حامية الوطيس قبل نهاية العام الحالي، والمتنافسين الرئيسيين تجاوزا الثمانين ببضع سنوات.

المسألة ليست في شيخوخة مُتَّخِذ القرار، ولا في ريعان شبابه ولا حتى في نوعه أو لونه، أو أصله أو فصله، لكن في قدرته على استيعاب كل ما هو جديد، وطرح كل ما يستفز الطموح لدى الشعوب، وما يؤجج المشاعر الوطنية والتنموية لدى الشريحة الأكثر قدرة على العطاء بصرف النظر عما يسمى بعمرها “الافتراضي”، بقدرتها الجسدية، أو بسنوات عطائها في العمل الإبداعي أو الوظيفي المنتظم، خلط الأجيال مهمة وطنية شأنها في ذلك شأن خلط المستحضرات الطيبة لتكون أكثر فائدة وأقل ضررًا على صحة الإنسان.

 

إن المجتمع العامل يضج في البلدان حديثة النمو بالخبرات تمامًا مثلما يمتلئ بشباب اليوم القادر على استيعاب كل ما هو جديد، صحيح أن التكنولوجيا الفائقة لم تعد حكرًا على فئة عمرية معينة، أو على منطقة دون الأخرى، أو على شعب دون الآخر، لكن الصحيح أيضًا أن استلهام العبر أهم وأقدر من “مايسترو” يحاول العزف المنفرد فلا تصدر عنه موسيقى، وآخر يجمع فرقته ليصنع من واقع الحياة المرير سيمفونية خالدة للسعادة.

 

إقرأ المزيد تردد قناة دهب دراما 2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى