أيام العذاب.. تفاصيل نفي بيرم التونسي ومعاناته مع أهله
في يوم 25 أغسطس من عام 1920 أي في اليوم الذى كان فيه المسلمون يحتفلون بعيد الأضحى المبارك، وكانت مصر آنذاك تعيش في وزارة محمد توفيق نسيم التي كرهها الشعب لاتهامه إياها بأنها وزارة عميلة جاء بها القصر بدون برنامج استخفافا بالحركة الوطنية وبعد استقالة وزارة يوسف وهبى باشا.
نفي بيرم
في ذلك التوقيت صدر أمر نفى بيرم في الوقت الذى كان فيه سعد زغلول ما زال غائبا في سويسرا من أجل العلاج واستشفاء وبعد صدور الأمر الملكى توجه كل من الضابط أحمد عبد الرحمن والأميرالاى ماركو بك والضابط الإنجليزى فتز باتريك وكذلك حكمدار العاصمة رسل باشا إلى مقر صحيفة بيرم لإغلاقها وإلقاء القبض عليه.
ويحاول بيرم إقناع البوليس قبل ترحيله بضرورة أن يمر على زوجته وأولاده بالإسكندرية لكنهم لم يسمحوا له بذلك لأن الأومر الصادرة إليه تؤكد ضرورة مغادرته مصر في الحال فاستسلم لهم عندئذ صحبوه معهم إلى محافظة القاهرة بباب الخلق ومنها إلى محافظة الإسكندرية وفى الليلة نفسها تقذف به السلطات على ظهر الباخرة شيلى إلى تونس.
في تونس
وفى ميناء تونس تلقى الباخرة بيرم على رصيفها ولم يكن يعرف آنذاك من تفاصيل عن أصول أسرته وأجداده سوى ما حكته له أمه عن جده الكبير قبيل وفاتها
وبعد كفاح مرير وسؤال هنا وهناك استدل بيرم على أعمامه في تونس وقد ظن أن الأمور سوف تتحسن كثيرا وربما يعيش وسطهم آمنا لكنه يفاجئ بتلك المعاملةالسيئة التي لاقاها من هؤلاء بسبب جدته الجارية التي تزوجها جده بعدما أهداها إليه السطان التركى مما اضطره إلى الابتعاد عن أقاربه والبحث عن عمل يعينه على الحصول على قوت يومه في تلك البلدة التي نبذه فيها أهل أبيه.
أيام العذاب
وبعد أن قضى بيرم في تونس 4 أشهر من العذاب الأليم والوحدة والمعاملة القاسية سواء من الإدارة التونسية باعتباره مشاغبا وباعث ثورات أو من أهله الذين جحدوه اضطر إلى السفر إلى ميناء مارسليا بفرنسا ولكن لقسوة الغربة وسوء الأحوال الجوية والبرودة الشديدة التي لم يتحملها بيرم انتقل بعد ثلاثة أيام من مرسيليا إلى باريس وقد دفعه إحساس الغربة بأن يسجل انطباعاته على شكل زجل قال في بعض أبياته
الفجر نايم وأهلك ياباريس صاحيين
معمرين الطريق داخلين على خارجين
ومنورين الظلام راكبين على ماشيين
حسبما ذكر المؤرخ حنفي المحلاوي في كتابه ” الأيام الأخيرة في حياة هؤلاء”.