قصة علي ومعلمته… هدية غيرت مصير طفل وأعادت قلب معلمة إلى الحياة

قصة: محمد الخميسي

قصة علي ومعلمته .. في بعض اللحظات يمرّ الإنسان بتجارب تُربّيه أكثر مما تربّيه الكتب، وتعيد تشكيل قلبه قبل عقله، وهذه القصة ليست مجرد حكاية طفل مهمل، ولا معلمة قاسية، بل هي مرآة تعكس ما يمكن أن يفعله سوء الفهم وغياب التعاطف في أرواح الصغار.

قصة “علي” لم تكن حدثًا عابرًا في مدرسة، بل كانت درسًا إنسانيًا عميقًا يثبت أن كلمة واحدة قد تهدم طفلًا، واهتمامًا بسيطًا قد يعيد بناء حياة كاملة.

قصة علي ومعلمته

هنا تبدأ الحكاية…كان “علي” تلميذًا منسيًا يجلس في زاوية الصف، لا يكاد يلحظه أحد. ومع أن المعلمة الجديدة، السيدة عصمت، أعلنت حبها لجميع الطلاب منذ اليوم الأول، إلا أنها استثنت “علي” دون أن تدري. كان وجوده بالنسبة لها مصدرًا للإحباط، فكل زملائه جيدون بينما هو… مختلف.

كانت تستمتع -من حيث لا تشعر- بوضع علامات الرسوب على أوراقه، وتخط بالقلم الأحمر كلمة “راسب” غير آبهة بما يشعر به.

كان “علي” قد وصل إلى منتصف الصف الخامس، وقد أصبح مهمل المظهر، ضعيف المستوى، غارقًا في عالمه الخاص، يمر بأيام قاسية لا يعرفها أحد.

نقطة التحول

طُلب من المعلمة مراجعة الملفات الدراسية للطلاب، كجزء من المتابعة التربوية. وعندما وصلت إلى ملف “علي”، توقف الزمن أمامها. فالتقارير السابقة حملت الحقيقة التي لم ترها:

الصف الأول: “علي طفل ذكي ومنظم.”

الصف الثاني: “محبوب لكنه يعاني بسبب مرض والدته بالسرطان.”

الصف الثالث: “توفيت والدته… ويحاول رغم إهمال والده.”

الصف الرابع: “منطوٍ، ينام كثيرًا، فاقد الأمل.”

رفعت السيدة عصمت رأسها وقد انهار في داخلها جدار القسوة. أدركت أنها حكمت على طفل محطم دون أن ترى جراحه. كان “علي” ضحية ظروف لم يخترها.

عيد الميلاد… والهدية التي حرّكت الجبال

في يوم ميلادها الخامس والأربعين، غمرت الهدايا مكتب المعلمة: صناديق مزينة، أشرطة ملونة، بطاقات أنيقة. لكن هدية واحدة كانت مختلفة… كيس قديم بداخله عقد فقد بعض أحجاره ونصف زجاجة عطر شهير.

ضحك التلاميذ، لكن السيدة عصمت أوقفتهم، وقالت بابتسامة لم يرها أحد من قبل:
“هذه أجمل هدية وصلتني اليوم.”

ارتدت العقد، ورشّت من العطر على ثوبها، وهنا فقط ارتسمت ابتسامة على وجه “علي”. اقترب منها وقال بصوت خافت:”النهارده… ريحتك زي ريحة ماما”، لم تستطع المعلمة أن تمنع دموعها، وكانت تلك اللحظة بداية تحولها… وبداية إنقاذ “علي”.

اقرأ ايضا:

مجدي القوصي: كتبت القصة القصيرة لمدة 25 عاما ولم اتجه للرواية إلا منذ خمس سنوات

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى