الناقد أحمد فرحات يكتب: أنواع النقاد

قرأت لك: إذا قررت أن تكون كاتباً محترفاً، فلا بد لك أن تتعرف على أنواع النقاد الذين ستقابلهم وأنت بالتأكيد ستقابلهم؛ فلا عمل بلا نقد ولا نقد بلا كاتب.

والناقد هو الشخص الذي حمل على عاتقه مهمةالتنوير؛ فنقَّب وحلَّل وأبرز مواطن الجمال والقصورفي النص الأدبي؛ وهو نقطة الضوء التي تنيرللكاتب طريقه وتعدل من مساره، خاصة حين يكونمثقفاً.. حيادياً.. مُلِماً بكل ما هو جديد فيتخصصه، وهي مهمة أصعب بكثير من الكتابة نفسها.

كل ما يهم الناقد هو النص فقط. لكن ومع حدوث طفرة في المجالات الأدبية تخلخلت بعض الثوابت التي لم تكن تهتم إلا بالنص بكل تجريد وحيادية وموضوعية. وحين أصبح الكاتب حريصاً على الحصول على ورقة نقدية تدعم نصه كيفما كانت، وجد النقاد الذي لم يعد النص هو محور نقده.

وسأحاول أن أجمع هنا بعضاً من شخصيات النقاد الذين قد تقابلهم أثناء تجهيز مجموعتك للطباعة.

أنواع النقاد:

جنب الحيط: هذا النوع من النقاد يتميز بطيبته وأخلاقه التي تأسرك، فكل نص بالنسبة إليه هو جيد بالمجمل، وكل كاتب يراه “عوداً غضاً” يحتاج لرعاية وسقاية. يحاول أن يكون إيجابياً، وللأسف (يفهم الإيجابية بشكل خاطئ). لا يحب أن يغضب منه أحد فيجامل بالحد المتاح.

فمهما كان نصك محلقاً أو العكس لن تجد سوى تعليق واحد:

(أحسنت.. رائع.. ممتاز.. بوركت.. استمر.. وهكذا)

فإن كنت ممن لا يحب النقد السلبي، فهذا الناقد هو مقصدك. وستكون علاقة جيدة يدفع ثمنها القارئ المسكين.

أما إن كنت تبحث عن التطور في كتاباتك، فاكتفِ فقط بالسلام عليه وإهدائه كتابك بعد الطباعة.

الممحاة:

هذا الناقد يحب الاختصار كثيراً. لا يطيق السرد أو الوصف المطول. يرى أن كل هذا حشو لا طائل منه. فيأخذ مِمْحَاتَه ويبدأ بالمسح.. جمل.. مقاطع، فإذا عاد إليك ربع نصك فأنت محظوظ. أهم عباراته:

(هذه الجملة لا داعيَ لها. هذا المقطع مجرد حشو. وهذا الوصف زائد. استبدل المقطع بجملة واحدة تفي بالغرض.. وهكذا).

أحياناً يكون هذا الناقد مفيداً بنسبة لا تتجاوز 10%؛ لأنه قد يلفت انتباهك للجمل المكررة والتي تحمل ذات المعنى، ونصيحتي لك أن تعرض عليه نصوصك قبل الطباعة.

محلك سر:

عادةً، هذا الناقد أكاديمي، درس باجتهاد، وربما كان الأول في دفعته، لكنه بعد حصوله على الدكتوراه توقف، واعتمد على ما درسه فقط. لم يتطور، لم يقرأ، لم يواكب التسارع الحاصل في الكتابة وأساليبها وأدواتها ومجريات الأمور من حوله.

لذلك فهو يتناول نصوصك بأفق ضيقة، غير مرن، وتراه أحياناً عاجزاً عن فهم أغوار نصك، فتجد نفسك في مأزق حين ترى تعليقاته على نصوصك بهذا الشكل:

(لا بد من ذكر الأسماء. أين الزمان والمكان. قصتك غير مفهومة.. وهكذا(

وكثيراً ما نجد كاتباً فاق الناقد في فهمه للكتابة وأدواتها وأساليبها والأفكار الجديدة. لذلك

نصيحتي أن تعطيه كتابك بعد الطباعة وعليه إهداء دون أن تنتظر تعليقه.

الفأس: هو ناقد اختلط عليه الأمر، فلم يدرك المعنى الحقيقي للنقد، فأخذ فأسه وبدأ يكسِّر في الكاتب ونصوصه على حد سواء بلا منطق أو حق.

امتلك بعض المقومات الهشة التي جعلته يجلس على كرسي النقد بكل غرور، فاعتقد أن كل نص لا يمر من بين يديه الكريمتين غير معترف به ولا يمكن إجازته.

فإن رضي على الكاتب، مدح وزاد، وإن غضب عليه نسفه حتى (سابع جَدّ). وللأسف يكون لهذا الناقد القدرة على التأثير في آراء الأغلبية؛ لأنه عادة في محل سلطة.

عباراته في المدح أو الذم مبالغة، وعادةً لا ترتكز على دراسة وافية للنص وإنما بالمجمل:

(هذا ليس نص.. نصوصك بلا معنى.. تحاول اختراع الذرة.. من أنت كي تحاول الكتابة مثل.. يبدو أنها نصوص مسروقة…. أنت أفضل من كتب.. أنت نقلة في الكتابة.. أنت رائد.. أنت أسطورة.. أنت عبقري.. أنت….)

وهكذا عباراته لا تصل منها إلى نقد حقيقي يساعدك على التطور. وهذا الناقد يتأثر بالمدح كثيراً، فإن كنت قادراً على ذلك، فتوجه إليه وامتدحه قدر ما تستطيع، وأخبره بأن (نصوصك لا تستطيع التنفس إلا من خلاله) وأنا أضمن أنك ستكون في لمح البصر من أبرز الكُتَّاب في منطقتك. وأعان الله القراء على إنتاجك. أما إن كنت كاتباً حقيقياً واثقاً من نفسه وأفكاره، فنصيحتي لك ألا تعطيه كتابك لا قبل ولا بعد الطباعة، واكتفِ فقط بالسلام عليه من بعيد، إن فرضت عليك الصدفة ذلك.

المزاجي: على حسب مزاجه وعلى حسب الكاتب ودرجة القرب أو البعد.. هل الكاتب قديم، جديد، قريب، فتاة، رجل.. على حسب حزبه، ميوله، معتقداته، طريقة عيشه، لون ملابسه، حقيقة سيضع اعتبارات كثيرة، آخرها نصك. سيهتم إن كانت قراءته لنصوصك ستضيف لرصيده الأدبي أم لا.

ونصيحتي لك أن تهديه كتابك بعد الطباعة مع إهداء لطيف وتكتفي بذلك.

القاصة اللامعة نجمة الأضرعي اليمنية

وللموضوع بقية في الأسبوع القادم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى