في هذه القصيدة، ينسج الشاعر أسامة مهران مزيجًا من الرمزية والحزن، حيث يتحول “الحصان” إلى استعارةٍ عن الأمل والحب، وعن تلك الأحلام التي تموت قبل أن تبدأ.
يحاور الشاعر ذاته والقدر، بين موتٍ سابق لأوانه، ونجاةٍ لا تشبه الحياة، وبين حبٍّ يستنزف القلب حتى الفناء.
قصيدة تنبض بالتأمل، وتُدهش القارئ بعمقها الفلسفي وصورها الوجدانية التي تلامس معنى الخسارة والحنين والخذلان، وإلى نص القصيدة:
مات حصانكَ
قبل السباقْ
مات السباقْ
بنفس الوسيلةِ
ونفس السياقْ
وأُغشي عليكْ
رأيتُ الفتاة التي قد تمادت في غيها
تموت بقوةِ دفعٍ سخية
بوعيٍ حميدٍ
تمادى على وعيها
بنفس الوتيرةِ
وكل التجني
وكل الشقاق
حصانكَ ماتَ
قبيل السباقْ
ذهبتُ به لمجاري المياه
لعله يعود
لعلها تُقبِل
عليه الحياة
وقلت: الهوينا
وقلت: الطواف عليك
وبعض الطواف علينا
فقال: السكوت يحرك موتًا جديدًا
ويسمو بكل الأضاحي
في ساعدينا
و.. مات الحصان الوحيد
مات الحصان الوحيد
لدينا
أتبكي في ساحة الساجدات
وتبكي على قصصِ الفاتناتْ
وتنقل دموعك من أي حزنٍ
لأي مدامع قبل المماتْ
لعلك تشقى
لعلك تبقى
وبين ضلوعك لا ينطق الاحتضار
وإلا فكل النهار
ككل النهار
وإلا
فكل المنايا التي هاودتك
وكل السبايا
التي طاوعت باختصار
ذكرتك أمامي
لتنسى بأنك كنت
القدوم
وكنت الفرار
لمن يا ترى كان وعدك
في عز لمح البصرْ
وفي كل شيءٍ يعود التمادي
أراه يمد الأيادي
لكل الأيادي
بحلةِ صيفٍ يناور تحت الشجر
“أحبك
أو
لا أحبك”
سيان أكون كمن يتهافت عليك
قبيل السفر
كأني أحبك
أو
لا أحبك
كأني “نزناز” شوقك
على صدرك المرمري
انفطرْ
كأني
كأنكِ
ضوءٌ بعيدٌ ينادي
كأنكِ
سلامٌ يعادي
كأنك ككل البشر
لأني أحبك
لأنكِ لا تستحقين حبي
لأنكِ حصاني المتاح
ومعراجي المستحيل
الذي أهلكته الرياح
لكونك عصفورةٌ لا تبالي
بطيش الترجي
حين انكسرْ
كأني أحبك
كأنك لا تستحقين حبي
ولا تؤمنين بربي
كأنكِ كل النِّعَمْ
تقولين لا
وقلبكِ يقول
نعمْ
وفي النهاية، هكذا يُغلق الشاعر أبواب الحلم كما بدأها، بخسارةٍ معلنةٍ قبل الانطلاق.
“مات الحصان قبل السباق” ليس موتًا عابرًا، بل إعلانٌ عن انطفاء المعنى، حين لا يبقى من الحب إلا ص echo في الذاكرة.
وفي النهاية، يتركنا أسامة مهران أمام سؤالٍ وجوديٍّ عميق:
هل نحب لأننا نؤمن، أم نؤمن لأننا نحب
