عَيْنُ العُزْلَةِ تَبْكِي | تأملات في الوحدة والصدق والبحث عن الإلهي في الذات

في قصيدتها «عَيْنُ العُزْلَةِ تَبْكِي»، تغوص الشاعرة هدى عزالدين في أعماق التجربة الإنسانية، بين العزلة والبحث عن المعنى الإلهي في الذات. تتكئ على لغةٍ شفافةٍ تنزف تأملاً وصدقًا، وتفتح نوافذها على صراعٍ روحيٍّ بين البقاء في حضرة الحقيقة والنجاة من صقيع الوحدة.
القصيدة لا تكتفي بالبوح، بل تُقيم حوارًا صامتًا بين الروح والوجود، بين البكاء والطمأنينة، في رحلةٍ تشبه عبورًا نحو النور الداخلي.
القصيدة:
عَيْنُ العُزْلَةِ تَبْكِي
في مهبِّ رياحِ العُزلةِ،
لستُ أدري أينَ الإلهيُّ فيَّ؛
أفي نطقي حينَ أقولُ ما لا يُقال،
أم في سكوتي حينَ
تتمايلُ الأرواحُ حولي
كأنَّها بقايا ملائكةٍ أُرهِقَت من الشهادة؟
أنا الراكبةُ الوحيدةُ
في سفينةِ الحقيقة،
أُبحِرُ بلا بوصلةٍ،
وأقيسُ المسافةَ بينَ الصمتِ
وصدى الاسم.
أيَّتُها القصيدةُ الخُسارةُ،
كم غنَّيتِ لي… ثم انسحبتِ،
وتركتِ قلبي يتهجّى نورًا لا يُكتَب،
ويتنفَّسُ داخلي.
أودُّ البكاء،
ولكنَّ من تسكنُني
مسحتْ دموعي وضحكتْ،
فانفتح في قلبي ممرّاتُ طمأنينةٍ،
لعلَّ صِدقَهم يبيتُ فيها.
أتنفَّسُ الصِّدقَ،
وأُعاقَبُ بالعُزلة،
كأنَّ الحقيقةَ تُحبُّني على طريقتها:
تُعَرِّيني من الجميع،
وتُبقيني لها وحدَها.
هدى عزالدين
تأتي «عَيْنُ العُزْلَةِ تَبْكِي» كصلاةٍ من نوعٍ آخر؛ صلاةٍ تُقال بلغة الشعر لا بالكلمات المألوفة. إنها محاولة لتطهير الروح عبر الصدق، وملامسة وجه الحقيقة التي — رغم قسوتها — تمنح الطمأنينة في النهاية.
قصيدة تُثبت أن العزلة ليست نفيًا للحياة، بل عودةٌ إلى جوهرها.
نبذة عن الشاعرة:
هدى عزالدين شاعرة مصرية معاصرة تتميّز لغتها بصفاءٍ روحيٍّ وعمقٍ تأملي، تمزج في أعمالها بين البوح الإنساني والبحث الفلسفي. تتناول في قصائدها قضايا الذات، والعزلة، والحب الإلهي، بلغةٍ تتراوح بين الرمزية والصدق العاري. تُعد من الأصوات الشعرية التي تسعى لإعادة تعريف العلاقة بين الإنسان والوجود عبر الق