د. إبراهيم الجهني يكتب: المصاهرة

مما لا شك فيه أنه لا تظهر أخلاق الناس في صلواتهم ، ولا صيامهم ، ولا حجّهم.. وإنما تظهر في الأسواق عند التعامل بالدرهم والدينار ، وعند المصاهرة ، وعند حقوق الوالدين والأرحام ، وعند السفر ، وعند مُراقبة حدود الله ، واحترام حقوق العباد.
هذا ميزان الأخلاق.. ومن ثم فتلك بصيرة المسلمين.. فينبغي ألا تتزوجوا أيها المسلمون ولا تزوجوا أولادكم من البنت التي:
١) أمها لها الكلمة على أبيها عامة والاتفاق خاصة، فالبنت ستصير كأمها مع مرور الوقت.
٢) أمها مكروهة من القريب والغريب لعقدها النفسية وكآبتها، فالبنت حتما ستغلب عليها جينات أمها المذمومة.
٣) أمها لها ماض تعليمي واجتماعي، كأن تكون مثلا غشاشة – محرر لها محاضر غش – أيام الدراسة ولها مواقف مخجلة، فالبنت طعمة أمها لا شك
٤) أمها تستحل الحرام وتدعي الفضيلة، وتقول أنا ملتزمة دينيا وخلقيا، فدين الله وحسن الخلق منها براء، والشيطان يزين ويبرر للبنت كما كان زين لأمها من قبل
٥) أمها ناشز – سواء مطلقة بغير بأس، أو لها أياد ظالمة في قهر أبيها حتى أماتته حقيقة أو مجازا – فالنشوز محقق في البنت إلى حد كبير
١) أخوها لا يركع لله، ولا يردعه قول الله ورسوله، فمن لا يخاف الله لا يصاهر
٢) أخوها فاشل حياتيا واجتماعيا، تسيطر عليه العقد النفسية، ويأكل من كد أمه وأخته، فالفاشل لا يصاهر
٣) أخوها ليست من صفاته الرجولة، وغير مستعد أن يكون رجلا يتحمل أي مسؤولية، فشبيه النساء لا يصاهر
٤) أخوها يفسد ولا يصلح، فساعة تكون بينك وبين أخته مشكلة تجده كالشيطان سواء بسواء.
وصدق ابو بكر الصديق – رضي الله عنه – حيث قال:
(قبل أن تصاهر انظر إلى أمها وأبيها وأخيها).
فالزوجة الصالحة رزق من الله.. لذا ينبغي أن يختار المسلم الزوجة التي تسكُنُ نفسه برؤيتها، ويرضى قلبه بحضورها، فتملأُ عليه منزله ودنياه سعة وفرحا وسرورا، حيث إن أعظم ما قيل من فم الرسول ﷺ: “يا خديجة إني تزوجتك فقيراً.. فأغناني الله بك”
وعليه فالزَّوجَة الصَّالِحَة تلك التي إذا نظر إليها الزوج سرته، وإذا غاب عنها حفظته في ماله وعرضه، وإذا أقسم عليها أبرته، تتلخص صفاتها في أنها:
1- تحفظ نفسها وعرضها في حضور زوجها ومغيبه، وفي الصغير والكبير.
2- تتحلى بالخلق الحسن، والأدب الرفيع، وتتزين بحسن الخطاب ولطف المعاملة، وأهم من ذلك كله أن تتقبل النصيحة وتستمع إليها بقلبها وعقلها.
3- تحافظ على صلتها بزوجها، وتسعى دوما في رفع رصيدها في قلبه بحبها والسعي بجانبه.
4- يرى فيها الزوج أما صالحة لأولاده، مربية صادقةً لهم، تعلمهم الإسلام والخلق والقرآن، وتغرس فيهم حب الله وحب رسوله وحب الخير للناس.
لكن إذا ابتُلي المسلم بزوجة ليس فيها الصفات سالفة الذكر؛ فتلك هي الزوجة الناشز.
ومعنى النشوز: معصيتها لزوجها فيما له عليها، فكأن الناشز ارتفعت عن طاعة زوجها، فسميت ناشزاً.
ومن صور النشوز: خروج الزوجة بغير إذن زوجها لغير حاجة، وعصيانها له، وتقديم أهلها عليه، وإفشاء سره، والحديث فيه طعنا وادعاء، والافتراء عليه، وتشويه صورته، والتكبر والتعالي عليه، تأكل خيره وتنكر فضله، تسرق ماله وتستحوذ على ما شقي به طيلة عمره، تستعديه بالكذب فتحرم أولاده منه جحودا وفجورا، وبأهل لا يخافون الله، وبقانون خراب البيوت العامرة المسمى بالأسرة المنبثق من الأحوال الشخصية… إلخ.
قال الإمام الطبري في تفسيره: نشوزهن يعني: استعلاءَهن على أزواجهن، وارتفاعهن بالمعصية منهن، والخلاف عليهم فيما لزمهنّ طاعتهم فيه، بغضًا منهن وإعراضًا عنهم.
ويترتب على النشوز: استحقاق الإثم ولعنات الله والملائكة والناس أجمعين عدا أهلها والنواشز أمثالها؛ فحرام عليها رائحة الجنة؛ لأن النشوز حرام شرعا في الدنيا وقنطرة جهنم في الآخرة، ومن ثم يترتب على ذلك سقوط النفقة عنها والسكنى لها، فالناشز لا نفقة لها ولا سكنى؛ لأن النفقة إنما تجب لها لطاعتها وحرصها على إسعاد زوجها وأولادها شرعا..
وتلك قصة حقيقية واقعة؛ ليتقي القارئ بالحرص نواشز العصر ما استطاع إلى ذلك سبيلا: تزوج أحد الأخيار من إحدى النواشز اللاتي ليس لهن قبول ولا تردد عليهن من قبله أحد، وهي – ساعة ئذ – لا حظ لها من شيء إلا التعليم المرقوم بالأوهام، فلا تتحلى بشيء من علم الخواص أو العوام، أو جمال الجوهر والشكل والقوام، ولا المال ولا الصحة والسلام، ولا البصر ولا البصيرة اللهم إلا العند وقطيعة الأرحام ..
فابتُلي بها زوجة لا تعرف معنى أن تكون زوجة، فلا علمتها أمها كيف تكون نظيفة نظافة شخصية وبيتية، ولا هي تحسن طهي الطعام، ولا فرش المنام، ولا أنس المقام، رغم ذلك سدد وقارب، وصبر عليها وغفر لها تقصيرها، ولم يكتف بذلك، بل أسبغ عليها مما أفاء الله به عليه سنين، فتحينت الفرصة لسرقة زهرة شبابه، وثمرة يديه وفؤاده، فأكلت هي وأهلها خيره، وأنكرت بكفران العشير وأهله فضله، واستحوذت بالكذب والخداع على ماله وعياله… إلخ
ثم طفقت تشتكيه ليل نهار بطعن الفجار؛ فاتخذها أحدهم لسفينه المحتال مرسى، وافترسها ذئب المحاكم فرسا.. ولمَ لا؟ فلا هي ذات ذكاء اجتماعي يرجح مصلحة النفس والزوج والبيت والأولاد، ولا ذات شخصية تعي نهاية الأبعاد، إلا ما يمليه عليها صاحب وصويحبات السوء، ومثيلات النشوز.. ففوض أمره إلى الله، والله بصير بالعباد، واختار ذات الدين عوضا من الله، حتى رأته فرآها تعض الأنامل من الندم، ولات حين ندم ! ولن ينفعها النواشز ساعة ئذ !.