الناقد أحمد فرحات يكتب: المتوالية السردية

الناقد أحمد فرحات

المتوالية السردية هي: شكل سردي يتكوّن من عدد من القصص أو الفصول أو المشاهد التي يمكن أن تُقرأ كلاً على حدة، لكنها تتكامل في ما بينها لتشكّل بنية روائية أو سردية موحدة

أهم خصائص المتوالية السردية

كل الأجزاء تدور حول فكرة أو ثيمة واحدة (مثل: الحلال والحرام،الغربة، الحرب، الحب، الانكسار..(

قد تتغير الشخصيات وأنماطها  أو الزمان أو أسلوب السرد من مقطع لآخر.

يمكن أن تُقرأ بعض الحكايات كوحدات مستقلة: مثل شخصية تتكرر، مكان واحد، صوت سردي موحَّد، أو جملة افتتاحية ثابتة.

نماذج من المتواليات السردية

وظايف أخرى في الآخرة للدكتور طارق الزيات، إنها ليست مجرد قصص للتسلية والترفية؛ بل وثيقة خيال إنساني، تجسد الصراع الحتمي بين الإنسان والضمير، حيث يمثل الضمير في الرواية الصورة المثلى للسلوك الإنساني وما ينبغي عليه أن يكون، وتمثل الشخصيات الأخرى السلوك الإنساني كما هو واقع في الحقيقة. ومن هنا تنشأ تصادمات بين الصورتين وأحيانا يشذ السلوك الإنساني عما هو مقدر له، كشخصية مرمر والرجل السبعيني أو شخصية مرزوق وشخصية سعفان. ويتماهى الصراع في الرواية بين الخير المطلق مجسدا في الضمير والشر ممثلا في الشخصيات التي تفعل الشر وتودي بنفسها إلى الهلاك. ويتجلى الخيال في العمل بتلقائية واحترافية عالية، فصنع الروائي من خياله عالما موازيا لعالم الحقيقة بمهارة عالية بغية فهم العالم بشكل دقيق وصادق.

كتاب “ألف ليلة وليلة

من أشهر المتواليات السردية في الأدب العربي. تتوالى فيه الحكايات التي ترويها شهرزاد، كل واحدة مستقلة، لكن يجمعها سياق الحكي العام وخوفها من الموت.

رواية “حديث الصباح والمساء” لنجيب محفوظ

مقاطع سردية قصيرة لكل شخصية، تروي حكايتها الخاصة. الشخصيات تتقاطع، لكن لا توجد قصة واحدة تقليدية.

رواية “الحب في المنفى” لبهاء طاهر

تقدم سردًا متقطعًا بين مشاهد الحاضر واستدعاءات الماضي. ليس هناك خط سردي واحد، بل مشاهد متتابعة تشكل صورة كلية عن الغربة والمنفى والحب.

      رواية “دُمية النار” لبثينة العيسى

تحتوي على سرد مقطّع لمشاهد حياتية متنوعة، تُكوّن معًا ثيمة عن القهر النسوي والمقاومة.

متى تُستخدم المتوالية السردية؟

في النصوص التي تسعى إلى:
o تفكيك الزمن.
o استكشاف وجهات نظر متعددة.
o عرض تجارب إنسانية متنوعة ضمن قضية واحدة.
o كسر القوالب التقليدية للرواية الكلاسيكية.

تمنح المتوالية السردية الكاتب حرية أكبر في عرض التجربة الإنسانية، وتسمح بتعدد الأصوات والمواقف داخل إطار واحد. هي تقنية أدبية قوية تُستخدم في الرواية، القصة القصيرة، أو حتى السيرة الذاتية.

الفرق بين المتوالية والمتتالية السردية:

هناك فرق دقيق لكنه مهم بين مصطلحي المتوالية والمتتالية في السياق السردي أو الأدبي، رغم تشابه الجذر اللغوي. إليك التمييز بينهما:

أولاً: الفرق اللغوي العام

لغويا المتوالية هي شيء يتتابع ولكن يرتبط بعلاقة عضوية (ترابط فكري أو فني واضح(.

أما المتتالية فهي تتابع كمي أو رقمي أو زمني دون شرط وجود ترابط بنيوي أو دلالي عميق.

بمعنى آخر:

المتوالية : تتابع فيه وحدة أو انسجام.

المتتالية : تتابع رقمي أو ميكانيكي، مثل متتالية رياضية.

في الأدب والسرد:

المتوالية السردية هي مجموعة نصوص/مشاهد/قصص ترتبط بوحدة موضوعية أو فنية رغم استقلالها الجزئي، وتشكل في النهاية بنية سردية موحدة.

أما المتتالية السردية فقد تُستخدم لوصف سلسلة سردية تعتمد التتابع الزمني أو التسلسلي دون الترابط العميق، وأقل شيوعًا كمصطلح فني.

لهذا السبب، المتواليةهو المصطلح الأدق والمستخدم في الدراسات النقدية، أما المتتاليةفغالبًا ما تُستخدم خارج الأدب، خصوصًا في الرياضيات أو الفيزياء.

أمثلة توضيحية:

نقول: متوالية قصصية : فيها قصص ترتبط بمكان واحد مثلًا (مدينة، أو حي شعبي…)، أو بثيمة واحدة (الحرية، أو الحرب…(

أما “متتالية” أدبية فقلّما تُستخدم إلا بشكل مجازي أو غير دقيق، وقد تعني ببساطة تسلسلًا زمنيًا.

إذن؛ المتوالية السردية: مصطلح نقدي معترف به يُشير إلى ترابط فني/دلالي بين وحدات سردية مستقلة نسبيًا.أما المتتالية: فهي أقل دقة أدبيًا، وغالبًا لا تُستخدم في السياقات النقدية إلا بوصف عام للتتابع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى