دعا أكاديميون وباحثون إلى إيجاد دور للجامعات البحرينية والخليجية في تطوير تقنيات وتطبيقات الجيل السادس، التي من المتوقع أن تنطلق استخداماتها في غضون سنوات، مؤكدين في الوقت نفسه أن دول الخليج العربية من أكثر دول الشرق الأوسط جاهزية لاستقبال تطبيقات الجيل السادس لما تتمتع به من بنية تحتية متقدمة واستعدادات استراتيجية في هذا المجال.
جاء ذلك ضمن نقاشات ورشة عمل علمية نظمتها كلية الهندسة بالجامعة الأهلية عبر الاتصال الإلكتروني التفاعلي، بعنوان “تطورات الاتصالات الحديثة”، حيث أدار الورشة رئيس قسم هندسة الاتصالات بالجامعة الدكتور عمار الدلال، وشارك فيها متحدثان دوليان بارزان هما الدكتورة دعاء مهاوي، رئيسة قسم علوم الحاسوب في الجامعة التقنية الوسطى ببغداد، والدكتور حيدر عليوي من قسم التقنية والهندسة الإلكترونية بجامعة برونيل لندن في المملكة المتحدة.
وتناولت الورشة التطور السريع لتقنيات الاتصالات المتنقلة من الجيل الأول حتى السادس، مع التركيز على المزايا المستقبلية لهذه الأجيال، والبنية التحتية المتوقعة لشبكات الجيل السادس، وإبراز الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي في أنظمة التواصل، خصوصًا في مواجهة التحديات الأمنية الناشئة.
وقدمت الدكتورة دعاء مهاوي عرضًا تناول تطور شبكات الاتصالات المتنقلة منذ الجيل الأول التناظري في الثمانينات وصولًا إلى تقنية الجيل السادس المرتقبة في عام 2030، موضحة التقنيات المستخدمة في كل جيل ونطاقاتها الترددية وقدراتها. كما سلطت الضوء على البنية التحتية المتوقعة لشبكات الجيل السادس التي ستعتمد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي، إلى جانب تقنيات MIMO فائق الضخامة واتصالات THz والأسطح الذكية القابلة لإعادة التشكيل واتصالات SaFi. وأكدت أن هذه التطورات ستسهم في إحداث نقلة نوعية في الاتصالات وتطبيقاتها في المدن الذكية والرعاية الصحية والمركبات ذاتية القيادة وإنترنت الأشياء.
تطرقت أيضًا إلى أبرز التحديات الأمنية المرتبطة بشبكات الجيل السادس، خاصة الهجمات المعادية التي تستهدف نماذج الذكاء الاصطناعي عبر بيانات مصممة خصيصًا لاختراق هذه الأنظمة، وقدمت نموذجًا قائمًا على التشفير التلقائي العميق قادرًا على اكتشاف هذه الهجمات والتخفيف من حدتها.
أما الدكتور حيدر عليوي، فقد قدم عرضًا موسعًا حول أمن الاتصالات والتحديات المستقبلية، تناول فيه الثغرات الأمنية المحتملة في الشبكات اللاسلكية والسحابية، ودور الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في تعزيز أمن الشبكات، مستعرضًا دراسات حالة حديثة من أبحاث جامعة برونيل توضح تطبيقات عملية لبروتوكولات الاتصالات الآمنة. كما ناقش الاعتبارات الأخلاقية والسياسات العالمية للأمن السيبراني، مؤكدًا ضرورة تضمين الأمن في جميع طبقات أنظمة الاتصالات الحديثة لضمان موثوقيتها ومرونتها أمام التهديدات المتزايدة.
وقد شهدت الورشة حضورًا لعدد من أعضاء الهيئة الأكاديمية والطلبة والضيوف، وتفاعل المشاركون في جلسة النقاش المفتوحة التي تناولت جاهزية دول الخليج لاعتماد تقنيات الجيل السادس، ودور الجامعات ومراكز البحث العلمي في تطوير تقنيات الاتصالات الآمنة، بالإضافة إلى التحديات الأخلاقية والتقنية المصاحبة لاعتماد الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في أنظمة الاتصالات. وقد أجاب المتحدثان على أسئلة الحضور بعمق علمي ومهنية عالية، مقدمين رؤى عملية واستشرافية عززت من قيمة الورشة وأثرت معارف المشاركين.
وفي ختام الورشة، أكد الدكتور عمار الدلال أن تنظيم مثل هذه الفعاليات يأتي في إطار استراتيجية الكلية لتعزيز الشراكة البحثية مع الجامعات العالمية، وتزويد الطلبة بأحدث المعارف في قطاع الاتصالات المتطور باستمرار. كما شدد على أن هذه الورشة تجسد رسالة الجامعة الأهلية في تخريج كفاءات هندسية قادرة على قيادة التحول الرقمي والأمني في البحرين والمنطقة، موضحًا عزم الكلية على مواصلة تنظيم فعاليات علمية نوعية تواكب طموحات الجامعة في الريادة الأكاديمية والبحثية.