الشيخ أشرف محسن يكتب: مسؤولية واحدة

إن الناظر فى بلاد الشرق الأوسط، والتى هى بلاد الإسلام ودياره، وكذلك حال المسلمين فى أقطار المعمورة، يجد أن المسلمين لا يعاملون إلا كأنهم من جنس مختلف، أقل من جنس كل البشر حتى عباد البقر، وما ذلك إلا لحالة الضعف التى يعيشها المسلمون فى موطنهم الأصلى دول الشرق الأوسط.
وها نحن نرى ما يعانيه العالم الإسلامى من الضعف فى كل المناحى، العلمية والثقافية والسياسية، فأين هى الصناعات التى ينتجها العالم الإسلامى، وأين تأثيره فى السياسة العالمية، بل أين إنتاجه ما يحتاجه من الغذاء والدواء والسلاح، أيصح لنا أن نستورد كل شىء، اكلنا ولباسنا وسلاحنا؟! أيصح أن نكون مكشوفين للعالم كله بسبب التكنولوجيا الحديثة من هاتف محمول وأقمار اصطناعية؟! حتى إن عدونا يعرف عنا أكثر ما نعرف عن أنفسنا، أين هى مراكز الدراسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التى فى بلادنا، بل أين مراكز الدراسات التى تهتم بشؤون باقى الدول؟ هل هم يحتاجون لهذه المراكز ونحن لا نحتاج إليها؟ هل يصح لنا أن نعتمد على دراساتهم المتعلقة بالشرق الأوسط، وبالعالم الإسلامى ونحن لا نحتاج إلى دراسة ما عندنا وما عندهم.
إن الغفلة عن هذه الأمور خيانة للأمة وللدين، والحرص على هكذا أمور دليل على الصدق والإخلاص، ها هى حرب قائمة، نحن فيها متفرجون، مع أن الجميع يعلم أنها آتية عليه يوما، ألا يمكن الاستفادة والضغط بما عندنا من مواقع ومال أن نؤثر على القرار الدولى؟ هل لابد لنا أن نكون تابعين لمعسكر شرقى أو آخر غربى؟
فمع قوة المسلمين فى العدد، واتساع رقعتهم، ووحدة لغتهم ودينهم، إلا أنك تجد الخلافات تدب بينهم، فكل أسباب الاتحاد فيهم، ولا تتوفر هذه الميزات لغيرهم، ولعل كل أحد يريد أن ينفى عن نفسه مسؤولية ذلك فيرد كل واحد أسباب ذلك الضعف لأمور كثيرة ليس هو منها، فالحاكم يرى أن هذه مسؤولية الشعوب، والشعوب يرون أن هذه مسؤولية الحكام. والغنى يقول بسبب الفقير، والفقير يقول بسبب الغنى، والجاهل والمتعلم … إلخ.
فهذه حجج يحتج بها كل أحد يسلى بها نفسه، ويرفع بها الحرج عن نفسه، والحقيقة أن الأمم لا تنهض إلا بجميع سواعد أبنايها، ويحمل الهم الأكبر الحكام المخلصون، والمثقفون أصحاب العقول الكبيرة، والأفكار النيرة، والعلماء الربانيون، فالحاكم يهيء والمثقفون يتولون توعية المجتمع، والعلماء يخاطبون الجميع بعلم وهمة وإخلاص.