أسامة مهران يكتب: مبادرات وزير إعلام عربي

كعادة المبادرات الثقافية والفنية، فإنها لا تأتي دائمًا من قمة الهرم التنفيذي في الدولة، أية دولة، لكنها تأتي دائمًا من القاعدة المؤسسية الفكرية التي لديها من النخب والمفكرين والفنانين أكثر مما لديها من القرارات والأنظمة واللوائح، هي دائمًا تأتي للتشجيع وليس لبناء قاعدة إبداعية لها نظم وقوانين ومقاييس.

وكعادة وزراء إعلامنا العرب، ورغم كامل احترامي لتاريخهم الوطني والإعلامي الطويل، فإن الخلط بين أدوارهم الثقافية والوصفات الهجينة بينهم وبين وزراء الثقافة والتعليم العرب، قد أدى إلى إلقاء كل سلطة بالكرة في ملعب السلطة الأخرى، مما أدى إلى غياب المسئولية الثقافية، وإذا ما كانت تلك المسئولية ملقاة على عاتق وزارة بعينها، أم أنها تأتي دائمًا كمبادرات شعبية من قاعدة الهرم المؤسسي، ومن ثم تنطلق إلى القمة وسط مباركة من أعلى سلطة، وتشجيع من جموع المبدعين.

في الآونة الأخيرة اختفت المبادرات التي تشجع على الإبداع، على تنمية الوعي الفكري، على تأصيل وتبجيل مثقفينا وفنانينا، على تخليد ذكرى مثقف أو شاعر أو روائي أو ناقد فذ.

وزير شئون الإعلام في مملكة البحرين سعادة الدكتور رمزان بن عبدالله النعيمي رغم أنه جاء من خارج المنظومة الإعلامية البحرينية العريقة، إلا أنه أثبت بمرور الوقت أن القدرات الإبداعية لدى الوزراء لا ترتبط دائمًا بأبناء المهنة بقدر ما تتعلق بالوعي الإنساني والثقافة التراتبية التي يمتلكها سواهم، إلى جانب طبعًا الثقافة العامة التي تتفوق دائمًا على الثقافة المؤطرة بمنهج محدود الأفق، أو بمعلومات غير مسموح بتحريرها من إطارها التقليدي.

مسابقة المحتوى الإبداعي التي أطلقتها وزارة شئون الإعلام في مملكة البحرين مع احتمال توسعة مداها لتشمل أجيالاً شابة وأخرى لها من الخبرات والتجارب ما يجعلها إضافة قوية لما نسعى إلى تثبيته جميعًا في ذهنية ما يسمى بحوار الأجيال وتعاقبهم، هو ما سوف يضع مبدعينا في قوالب التجريب الذي يؤدي إلى تحقيق الإبداع، وتجويد الابتكار، وتسجيل مبادرات موازية لمبادرة الوزارة، خاصةً إذا أضقنا إليها جائزة المواهب الإبداعية ضمن ما يسمى “مبادرات مختبر المبدعين” في مجال الإعلام الرياضي وغيره من أقسام الإعلام المختلفة التي تحتاج بالفعل إلى رعاية وتطوير وتدريب وتشجيع.

لقد كان ومازال للوزير القدير دكتور رمزان بن عبدالله النعيمي القدرة على إطلاق مبادرات أخرى مستقبلية ترعى مبدعينا في مجال المسرح والدراما والتأليف والنقد الأدبي، سواء من خلال قنواتنا الفضائية التي تشهد حاليًا نقلات نوعية، أو عن طريق تأهيل جيل من المهنيين والمحترفين البحرينيين الذين يمكنهم قيادة جهاز الإعلام الفضائي بكل كفاءة واقتدار.

إن هموم المثقفين في بلادنا كثيرة ومتنوعة، أهمها وأخطرها أنه لا يوجد للمثقف أو الصحافي المحترف معاش تقاعدي منفصل عن مسارات وظائفه المتقطعة داخل مواقع عمل لا تناسب المبدع ولا ترتبط بأدائه الأدبي أو الفني أو الإعلامي. من هنا يأتي دور وزير إعلامنا القدير لكي يضع يده في يد جمعية الصحافيين البحرينية، وهي تستعد للاحتفاء بمرور ربع قرن على تأسيسها وسط توقعات من الشارع الصحافي البحريني بألا يمر هذا الاحتفاء التاريخي الذي يرعاه ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة حفظه الله ورعاه، حيث سيشهد ذلك اليوم دون أدنى شك تظاهرة صحافية يتم خلالها تكريم الرعيل الأول من الصحافيين الذين ساهموا في تأسيس جمعية الصحافيين البحرينية.

هذه المبادرات وغيرها تدفعنا نحن الصحافيون إلى التفاؤل بالمستقبل، إلى الإحساس بالأمان في حياة مطمئنة سعيدة، وأوضاع معيشية لائقة بأصحاب مهنة المتاعب، تمامًا مثلما تجعلنا أكثر تفاؤلاً بأن على رأس وزارتنا المهمة وزير قدير يدرك هموم الإعلاميين، ويعتز بإنتاجهم المهني والفني والوطني، ويثمن مبادراتهم الضرورية ويحولها إلى مبادرات مؤسسية تضع مملكتنا الحبيبة في مكانها الطبيعي بين شقيقاتها بالمنطقة، تمامًا مثلما تؤكد جدارة وصحة ومهارة جسمنا الصحافي العريق، وكل مبادرة وإعلامنا المُبشر بألف خير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى