هبة عبد الوهاب تكتب .. أمريكا شيكا ويكا…

هبة عبد الوهاب

فى أحداث حرائق الولايات المتحدة الأمريكية الاخيرة، أشارت التقارير إلى أن إجمالي الخسائر الناجمة عن حرائق غابات لوس أنجلوس وولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، قد يتراوح بين 135 و150 مليار دولار، مما يعكس التأثير الكبير على الاقتصاد المحلي.

نعلم جميعا ظاهرة الكوارث الطبيعة، ونعلم أيضا أننا في زمن يعاني من التغيرات المناخية التي تؤدي إلى تقلبات جوية حادة، مما يزيد من فرصة زيادة الكارثة التي يجب الإنتباه لها وترتيب الظروف مسبقا للتعامل معها.. والحد من تأثيرها على البيئة والمجتمعات المحلية.

ولا شك أن حرائق لوس انجلوس أثارت تفاعلاً واسعاً، حيث قارن البعض صور الدمار في لوس أنجلوس بمناطق أخرى تعاني من النزاعات والكوارث، مما يعكس حجم الكارثة وتأثيرها على المجتمع.

هنا أول ما يقفز إلى خواطر الكثير منا تصريح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أنه “سيحرق الشرق الأوسط”، على الرغم من سياقه السياسي الذي ارتبط بقضايا مثل الاتفاق النووي الإيراني والصراعات الإقليمية، ويمكن أن يُنظر إليه مجازيًا كتعليق يعكس نوعًا من الاستراتيجية السياسية التي تثير الجدل أو التصعيد. عندما نقارن هذا التصريح بحرائق الغابات الكارثية التي شهدتها الولايات المتحدة مؤخرًا، يظهر تباين لافت بين الرمزية والواقع.

وتظهر التفسيرات التي تؤكد أن حرائق الغابات التي اجتاحت أمريكا، وخاصة كاليفورنيا، لم تكن مجرد كوارث طبيعية، بل كانت نتيجة عوامل متراكمة تتضمن التغير المناخي، الجفاف، والإدارة غير الفعالة للغابات. يمكن القول إن “الحرائق”، سواء كانت في الشرق الأوسط بالمعنى السياسي أو في الولايات المتحدة بالمعنى البيئي، هي انعكاس لغياب سياسات مستدامة وإدارة حكيمة للأزمات.

أيضا يمكن القول أن هذه الحرائق تبدو كنوع من “رسائل الطبيعة”، لتذكر بأن أي استراتيجيات تصعيدية، سواء كانت بيئية أو سياسية، تأتي بتكاليف هائلة. فعندما يتم التعامل مع العالم بلغة القوة والدمار، سواء في الشرق الأوسط أو على مستوى البيئة في الداخل الأمريكي، ستكون النتيجة مزيدًا من الخراب الذي لا يميز بين البشر والطبيعة.

لذلك، يمكن القول إن الحرائق، بمفهومها المجازي أو الحقيقي، تحتاج دائمًا إلى سياسات مسؤولة تُركز على التهدئة والتوازن، سواء في إدارة الصراعات السياسية أو الحفاظ على البيئة.

ولن أنسى أن أذكر أن هناك من الشعوب الأمريكية أظهرت الكتير من التعاطف مع القضية بشكل فعال أكثر من الشعوب العربية في صورة مظاهرات ومقاطعات للمنتجات الداعمة للكيان والتنديد بسياسة بلادهم وتجهيز الكثير من المقاطع المنفرة لسلوك الإبادة العدواني الذي تدعمه سياسة بلادهم.. في حين أنه ساد صمت عربي شاسع المدى على مدار نصف قرن من الاعتداءات الصهيونية على الشعب الفلسطيني والمقدارات الفلسطينية..

لذا .. يمكننا مراجعة أنفسنا للوقوف على الحقيقة قبل السير في معارك إلكترونية شامتة لا تتناسب مع الصمت العربي المذهل الذي زاد الطين بلة في عز المعركة..

ولو أردنا إنصافا، لحاسبنا أنفسنا قبل الانسياق خلف بوستات السخرية.. كان هذا من باب إنصاف الحق ووضع كل أمام مرآة حقيقته.. فلو كان الحريق التهم بيت ترامب ذاته، لتأكدنا أنها عدالة السماء.. أما ما حدث الآن فهو ظاهرة من ظواهر الطبيعة المتكررة التي تعاني منها الكثير من المناطق حسب المنظومة الجغرافية والتغييرات المناخية غير المتوقعة، رغم تكرارها.. وربما يرسل الله هذا لنا لإعادة تغيير خارطة الكون أو ليعتَبر أحدنا..!

بقلم هبة عبد الوهاب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى