منى ياسين تكتب قصة قصيرة بعنوان ” بين نبضين”

منى ياسين

كان البحر هادئًا أمامنا، لكن داخلي كان يعصف كأمواج مجنونة. كنت أجلس بجواره، يقرأ نصًا مترجمًا بصوته العميق. جمال التشبيهات ورقي اللغة المستخدمة استحوذا على روحي، وذبت في كل حرف كان ينطقه. لكن شيئًا آخر كان يشتعل داخلي، أعمق وأشد ألمًا.

بدأ قلبي ينتفض، تعالت دقاته كأنها تحاول الهروب من صدري، وأنا أتظاهر بالهدوء. نظرت إليه؛ كان على الشاطئ الآمن كما هو دائمًا، بعيدًا عن عواصف مشاعري. لكنه لم يكن بعيدًا كفاية لينقذني من تأثيره الجارف.

تحت وطأة خيالي المتعب، طلبت منه أن يعطيني يده. لم يمانع، ناولني إياها بعفوية، فوضعتها على موضع قلبي. “أشعر به يحترق”، قلت بصوت بالكاد خرج. ربما ظنني أبالغ، لكنه بقي صامتًا.

لم أتمالك نفسي أكثر. ألقيت رأسي على صدره، انهمرت دموعي دون توقف. “ضمني…”، طلبت منه. كان صوتي مليئًا برجاء خفي. فعلها، لكنه كان احتضانًا أشبه بأداء واجب.

بعد لحظات، سمعت صوته يهمس بهدوء، “ضعي يدك هنا…”، وأشار إلى موضع قلبه. ترددت للحظة، ثم استجبت. دقاته كانت سريعة، ربما أسرع من دقات قلبي.

ظننت في البداية أنه يشعر بما أشعر به، لكنني عرفت الحقيقة حين نطق بكلمات كانت كالرصاص: “كلما اشتقت إليها، قلبي يفعل ذلك…”

علا نحيبي فجأة، لكن ليس من وجع قلبي هذه المرة. بل من وجع يقين لم أرد مواجهته. لم يكن قلبي ما يؤلمه. كان حبه لها.

تركته هناك، على شاطئه الآمن. وعدت إلى أمواج مشاعري المتلاطمة، حيث كنت وحدي دائمًا.

منى ياسين

اقرأ ايضًا:

” أول حضن صادق” قصة قصيرة للكاتبة منى ياسين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى