Site icon مباشر 24

الناقد أحمد فرحات يكتب: ق ق ج (نصوص)

الناقد أحمد فرحات

الناقد أحمد فرحات

بظني ومن خلال مشاهداتي وقراءتي تتطور الومضة النثرية أو القصة االقصيرة جدا تطورا ملحوظا في مصر وخارجها من آداب العرب فاسم  مريم الحسن اسم عربيقد يمر سريعا على القارئ، لكنه لن يمربسهولة إذا قرأ لها، وتمعن في قولها، صفحةواحدة تقرأها لها تشعر أنك أمام مبدع امتهنحرفة الكتابة، شق على القارئ مدلولاتهاالذاتية، وتنوع رؤاها، وانتفاء أوصافها. تقرأقصصا قصيرة جدا مختزلة في طياتهادلالات مشعة، فتبرق عينك وأنت تقرأنصوصا لامعة، دامعة، وقد شبعت من تنوعدلالاتها وافتقار ألفاظها، وخاتمتها المشعةالصادمة. تمتلك مريم الحسن لغة تلغرافيةمضيئة، فواصلها قصيرة جدا، وجملهابسيطة غير مركبة، تشعر مع لغتها بوخز إبرتضربك في كل موضع من ضميرك الإنساني؛لما تمتلكه من قدح إشعاعي جلي، واعتمادهاعلى أفعال جوهرية مدهشة.

فتحت عنوان شؤم توظف الأفعال الحركية السريعة، دالة على اختزال وتكثيف ظاهرين، تنبهر من توالي الأفعال وتتابعها، مع غموض شفيف، ورمزية عالية. تقول:تتسلل إلى أزقة عميقة، تقف عند مفترق طرق، تنحني، تنشر شعرها، يستيقظ أهل القرية على عويل. فما عليك إلا أن تجمع مجموعة الأفعال )تتسلل/تقف/تنحني/تنشر، تستيقظ( وكلها أفعال حركية مشعة، مرتبطة بحركية عالية، وتكثيف غير مخل، وهنا يستدعيك العنوان شؤم لتربطه بالدلالات المكثفة، لتتفجر داخلك دهشة مقدرة، وإبهارحر، لتنطلق التأويلات المتباينة هنا وهناك.

كما توظف مريم الحسن التراكيب الفعلية ذات الصبغة التفجيرية، مع سرعة الإيقاع كما في ومضتها العالية عزيز قوم إذا تعتمد على تخييب  أفق الانتظار، عبر ومضة سردية قصيرة جدا، عالية التكثيف والتركيز، تتسم بتسريع الزمان، وتشطي المكان، وكسر أفق توقع القارئ. وفي طيف ومضة سريعة، تعتمد على لغة الفانتازيا، ولغة الحوارية السريعة، مع اختفاء التفاصيل الدالة.

يدخل المطبخ تثير انتباهه مكنسة سوداء تفترش المكان/ يناديها: تكنسين الأرض بشعرك؟ / تبتسم: لأنه طويل.. / يقترب ليرفعه، يتساقط في يده/ تختفي صورتها، ويبقى شعرها متناثرا.

بإيجاز، توظف مريم الحسن مجموعة من السمات الشكلية والأسلوبية في عالمها القصصي القصير جدا كالإبهار، وتفجير الدهشة، وتوظيف التراكيب الفعلية، وسرعة الإيقاع، وتنويع المقدمات والخواتيم، واستعمال السرد.

من نصوصها: تحت عنون (عزيز قوم)

غفا وانتشى بأحلامه، الأقدار تحيك له ثوب النهاية، ارتداه وانتعل الطريق.

من يعيرني فردة حذاء.؟

وتقول تحت عنوان سقوط: متقوقعة داخل صومعتها، أطلت برأسها على العالم الخارجي، هوة عميقة في الأسفل، هوت من عليائها محطمة، تناثرت إلى شظايا…!

طـــــــــــــيف

يدخل المطبخ تثير انتباهه مكنسة سوداء تفترش المكان…! يناديها:

ـــ تكنسين الأرض بشعرك…! تبتسم:

ـــ لأنه طويل..

يقترب ليرفعه، يتساقط في يده. تختفي صورتها، ويبقى شعرها متناثراً.

معاناة

رمت رأسها على الوسادة، أخذت نفسا عميقا صدي صوته يردد:

ارحلي من هنا…!

أثقلتها الأفكار، اختنقت، مزقته بأظافرها تحولت وسادته إلى خيوط سوداء…!

حفار

يحمل معوله ويسير، يحفر القبور، يخرج الموتى وهم يحملون أكفانهم

هاب المنظر، أراد أن يعيد كل شي إلى مكانه، انطبقت السماء على

الأرض…!

قربان

يغيب عن عالمها أمدا بعيدا.. تراه عبر المنام ضاحكا مستبشرا.. تحادث طيور السماء:

خذيني إليه

تعود إليها بأشلاء ممزقة.. تنثرها نحو الأفق وتزغرد تساقط عليها شهبا…!

وهناك نماذج أخرى أتركها لكم للتعليق..

تقول منى جمال عبد اللطيف: تحت عنوان نهاية: أنا نهاية خط مستقيم أنت بدايته.

وتحت عنوان سجن تقول: طلبت يهجرها؛ لتحيا، وافق بشرط: أن يغتال طيفها..

Exit mobile version