مصطفى كمال الأمير يكتب: المتحف المصري الكبير بين عراقة الماضي وإبهار الحاضر

مصطفى كمال الأمير
على أطراف هضبة الجيزة، وفي رحاب الأهرامات الخالدة، يطل المتحف المصري الكبير (GEM)، هدية مصر للعالم وصرح حضاري عالمي يُعيد كتابة التاريخ، في زيارة مبهرة للمتحف الذي افتتح بشكل تجريبي، شعرت بعظمة المشروع الذي يُنتظر أن يتم افتتاحه رسميًا في حفل أسطوري، يعكس عظمة مصر وإبداعها، تمامًا كما أذهلت العالم في موكب المومياوات الملكية وافتتاح طريق الكباش بالأقصر.
متحف عظيم بحجم الحضارة
بُني المتحف على مساحة شاسعة تبلغ 117 فدانًا، ليضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية فريدة، موزعة على ثلاث قطاعات رئيسية، تحتوي كل منها على 12 قاعة عرض. ولأول مرة، سيتم عرض مقتنيات الملك الذهبي توت عنخ آمون كاملة، منذ اكتشافها عام 1922 على يد هوارد كارتر.
هذا المشروع الذي بلغت تكلفته حوالي مليار دولار، يُعد إنجازًا استثنائيًا شاركت فيه جهات دولية، أبرزها وكالة التعاون الدولي اليابانية (جايكا). ومن المتوقع أن يجذب المتحف نحو ستة ملايين زائر سنويًا، مما سيمنح السياحة المصرية دفعة قوية.
عراقة تمتزج بالحداثة
من اللحظة التي تطأ فيها قدمك المتحف، يستقبلك تمثال رمسيس الثاني، الذي نقل من ميدان رمسيس إلى البهو العظيم، محاطًا بأجواء من الفخامة والإبهار، فقد يزين المدخل مسلة معلقة، رمزًا للإبداع الهندسي والمعماري المصري. كما تضم الحديقة المتحفية نباتات وأشجار كانت معروفة للمصري القديم، مما يضفي بعدًا بيئيًا وثقافيًا فريدًا.
وللضيوف من كبار السن وذوي الهمم، يوفر المتحف خدمات مميزة، منها مصاعد خاصة ودخول مجاني، مما يعكس توجه مصر نحو شمولية التجربة السياحية.
رؤية ثقافية عالمية
يمثل المتحف المصري الكبير أكثر من مجرد مكان لعرض القطع الأثرية، فهو أيضًا مركز ثقافي وتعليمي وترفيهي عالمي حيث يضم قاعات عرض مؤقتة، متحفًا للأطفال، مركزًا للمؤتمرات، سينما، ومناطق تجارية تحتوي على متاجر للهدايا، كافيتريات، ومطاعم تقدم تجارب مميزة للزوار.
كما يتم التخطيط لربط المتحف بمحطة مترو الخط الرابع ومطار سفنكس الدولي، مما سيجعل الوصول إليه أكثر سهولة، ومن بين الفعاليات المقترحة للافتتاح، دعوة المايسترو الهولندي الشهير أندريه ريو، لإقامة أوبرا خاصة تضاهي أوبرا عايدة، لتُبهر مصر العالم مجددًا.
عصر جديد للحضارة المصرية
المتحف الكبير لا يمثل فقط ماضي مصر العريق، بل يُجسد رؤيتها للمستقبل، حيث يجمع بين الهندسة المعمارية الحديثة والتقاليد المصرية الأصيلة، ترتب المعروضات بطريقة تسرد التاريخ بأسلوب مُبهر، بدءًا من العصور الفرعونية وحتى العصور اليونانية والرومانية.
وفي مشهد ملهم، يحتضن المتحف أهم وأكبر مركز لترميم الآثار في الشرق الأوسط، حيث يتم ترميم القطع الأثرية بعناية فائقة، ليظل المتحف درة التاج الثقافي لمصر.
الماضي والمستقبل في قلب واحد
إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى، بل رسالة من مصر إلى العالم، تؤكد فيها أنها مهد الحضارات وأم التاريخ. إنه الحارس الأمين على تراث مصر التليد، والجوهرة التي تسطع لتُبهر الزائرين من كل بقاع الأرض.
بشعار GEM (جوهرة)، يُجسد المتحف حلمًا تحقق ليصبح رمزًا للفخر الوطني، وصرحًا ثقافيًا عالميًا يربط الماضي المجيد بالمستقبل المشرق.
مصطفى كمال الأمير
اقرأ ايضًا:
مصطفى كمال الأمير يكتب: من مونيك الى منير تحول الإنسان بين الجسد والروح