سهير زكي وسرقة بيت وزير ثقافة .. حكايات من كتاب ” الثأر من النكسة” للكاتب طارق الطاهر
كتب: حسين عبد العزيز
ما أن أخذت اقرأت المقدمة التى وضعها الكاتب طارق الطاهر ليقدم بها كتابه: وقال فيها:”فما بين الهزيمة والانتصار، وما بين الإنكسار والصمود حكايات” على كافة الأصعدة المجتمعية .
جدير بأن تروى لا سيما أننا نحتفل فى هذا العام أكتوبر ٢٠٢٣ بخمسين عامًا على هذا الانتصار الكبير، الذى كان المثقفون والفنانون ” وقودها ” طوال سنوات المحنة، فلم تيأس للحظه ” الروح المثقفة ” وسعت إلى استخدام كافة ادواتها من غناء، موسيقى، رقص ، روايات ، كتابات ، والأهم الخيال والأحلام ، من أجل تغير الواقع وأن تضع لبنه فى بناء المجتمع، كاد أن ينهار روحيا بعد أن انهار “معنويا” و ” واقعيا ” عندما سلب منه جزءا من أرضه “.
من هنا أخذت اندمج فى القراءة ، واجدنى أتذكر المؤرخ الراحل الدكتور يونان لبيب رزق وكتابة الموسعى ” الأهرام ديوان الحياة المعاصرة ” هذا الكتاب الذى كان ينشر حلقاته فى جريدة الأهرام فى صباح كل خميس ، وإلى تلك الحظه ما زالت أتذكر أول حلقة قرأتها من تلك السلسلة الطويلة جدا .
وهى كانت عن الأسباب التى دعت المؤرخ يونان لبيب رزق لكتابة تلك السلسلة، وبعد صدور تلك السلسلة فى حلقات أصدرتها مؤسسة الأهرام فى سلسلة كتب ، اهداها لى صديقى الشاعر ” عبد الرحمن البطة ” .
كان لبد من تلك المقدمة أو هذا التمهيد وأنا استعد لكى أتحدث وأكتب عن هذا الكتاب المدهش، والذى يستحق أن يقرأ للمره الثانية، وهذا يعنى أنه لبد من الاحتفاظ به لأنه يعد كما الوثيقة أو بلغة أفضل.
وأوضح كما الوثائق ، التى يجب أن يحافظ عليها الفرد منا مثل عقد شراء السيارة وعقد إيجار البيت أو الشقة ، حتى وصل الكهرباء او المياة ، كذلك لبد من المحافظه على هذا الكتاب الذى قدمه لنا الكاتب ورئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة طارق الطاهر.
وهذا الكتاب كما التحرك فى منطقة سيدنا الحسين حيث كل مكان له حكاية ، وكل حكاية لها تاريخ وكل تاريخ له رجاله !
وهذا الكتاب الممتع يمكن أن يقراء من اى مكان من الخلف من المنتصف من الإمام . أقول هذا لكى أوضح أنه رغم عبق الماضى وحلاوته وغرابته ، فإن الكتاب سهل القراءة والفهم والتمتع حيث أننا نعيش كل الأحداث التى أوردها المؤلف فى متن كتابه الشيق .
والآن نبدأ بأول حكاية تستحق أن نبدأ بها، وقد أخرجها لنا السيد المؤلف من بطن الجرائد، وهى تحت عنوان ” الرقص الشرقى ومعركة المشروعية”.
سهير زكي
فى هذا الفصل يحدثنا المؤلف عن اعتراف وزارة الثقافة رسميا لأول مرة بالرقص الشرقى، حينما استقدمت خبراء سوفييت، لتعليم هذا النوع من الرقص مصاحبًا للفنون الشعبية ، فتنشر جريدة الأهرام ” بدأت الدراسة هذا الأسبوع فى أول مدرسة حكومية لتدريس، الرقص الشرقى فى مصر، بعد أن اعترفت وزارة الثقافة بهذا اللون من الفنون الشعبية عندما قررت إنشاء مدرسة خاصة لتدريسه مع الرقصات الشعبية .
” تنفيذا لقرار الجامعة ، أسدل الستار على سهير زكى بعد دقيقة ونصف “.
كان هذا هو عنوان الخبر الذى نشر فى جريدة الأهرام فى ٢٢ اكتوبر ١٩٦٧، وهذا الخبر سوف انقله كما أورده المؤلف ” وقع هذا الحادث الذى يعتبر الأول من نوعه فى حفلة الهلال الأحمر التى أقيمت بقاعة الاحتفالات الكبرى.
وسبب وقوع هذا الحادث هو القرار الذى كانت إدارة الجامعة قد اتخذته بعدم إقامة حفلات على مسرحها غير حفلات كوكب الشرق أم كلثوم وفرق الفنون الشعبية .. لأن المسرح الذى كانت تقام علية الاحتفالات الرسمية لا يصح أن تقف عليه راقصة تتلوى أو منولوجست يلقى نكاتا!
وقد قام إشكال بعد اتخاذ هذا القرار حول حفلة الهلال الأحمر وهى لصالح المجهود الحربى التى كانت تذاكرها قد بيعت وتحدد موعدها ، وأخيرا تم الاتفاق على أن تراعى الراقصة التى ستشارك فى الحفلة الحشمة ” بأن ترتدى ثوبا منفصلًا بدًلا من بدلة الرقص المفتوحة، وألا معها على المسرح طبال.
وقد وافقت سهير زكى الراقصة الوحيدة فى الحفلة على هذه الشروط ، ولكنها عندما جاء دورها ” ضحكت عليهم ” وارتدت بدلة مفتوحة، وظهر معها الطبال على المسرح ” وهنا أمر أمين الجامعة باسدل الستار، وبكت الراقصة سهير زكي التى كانت تظن أن المقلب سوف يمر، وكانت هى السبب فى تكون هى أخر راقصة تقف على هذا المسرح فى قاعة الاحتفالات “.
ونحن سوف نجد الفصل السابع ” سرقات وقضايا ومحاكم ” عنوان شيقى ومثير وهو عنوان لا يخرج الإ من مدرسة اخبار اليوم .
لص مثقف يسرق بيت وزير ثقافة سابق
قدم لنا المؤلف حكاية هذا اللص المثقف الذى تسلل إلى فيلا الدكتور فتحى رضوان وزير الثقافة الأسبق ولم يسرق منها شئ قط غير .
أحد كتب الدكتور فتحي رضوان وتحديدا الجزء الثاني من مذكرات تشرشل. ومكتوب بالإنجليزيه وفي ذات الوقت اكتفى بسرقة مفتاح السيارة دون السيارة . فقد فوجئ الوزير عند عودته أن لصا تسلسل إلى فيلته وصال وجال فيها بعد أن دخل من نافذة كسرها . إلا أن الذى سرقه هو الجزء الثانى من مذكرات تشرشل بالإنجليزية ..وهذا يعنى أن هذا اللص مثقفا بل مثقف ثقافة عاليه .
سرقة فيلا كان الدكتور طه حسين
وهذا خبر جديد علينا جميعا حيث لم نقراء من قبل أن فيلا الدكتور طه حسين تعرضت للسرقة . حيث نجد المؤلف يقول فى الصفحة رقم ٩٤ .
أنه فى ١٢ أكتوبر ٧١ كتبت الأهرام ” الشرطة تسلم د طه حسين ما سرقة اللصوص من منزله ” أمس تسلم د طه و قرينته المنقولات التى سرقت من منزله ، وهى جهاز آب وجهاز تسجيل وراديو صغير و مجموعة من الفضيات وعدد من الشيلان الصوف التى يستخدمها د طه حسين فى الشتاء لتقيه من البرد “.
إلا أن الكاتب وجد أن الأحسن أن يبدأ بطمأنة المواطنين على صحه عميد الأدب العربى ” تحسنت صحة عميد الادب العربى دكتور طه حسين بعد إصابته بحالة دوار شديد وهو على الباخرة ( أوزوينا ) أثناء رحلة العودة الاسكندريه واسعف منها حتى عاد إلى منزله فى شارع الهرم .. وزاره طبيبه المعالج الدكتور ناجي المحلاوى )
وهنا يجب أن نقول كيف كان لنا أن نعرف كل هذا الذى ينام فى بطن الجرائد ، ولولا المجهود الذى قام به الأستاذ المؤلف لحرمنا من كل تلك الأشياء الثمينه !
وها هو خبر ثمين جدا وهو عن رقم ٧ فقد نشر فى ٥ / يناير ١٩٧٠ فى جريدة الأهرام حوارا مع الدكتور طه حسين عن رقم ٧ والحوار كان عنوانه ” طه حسين والرقم السعيد فى السبعينات
وانا لا يمكن أن أنهى سياحتى فى هذا الكتاب الممتع ، دون أشير إلى الفن التشكيلي. والذى يعد أبو الفنون جميعًا.
لأن الفن التشكيلي يعد الباب الذكى للتعامل مع كل مناحى الحياة واى علاقة إنسانية ليست إلا اللوحة التشكيلة وإن لم تكن ، تعد علاقة ناقصة ، وأيضا لبد أن تكون القصيدة كما اللوحة التشكيلية ٠ والقصة القصيرة والرواية بل والمقال أيضا اقول هذا لكى أوضح.
أهمية الكتاب الذي بين ايدينا
فها هو يقدم لنا خبرا عن الحركة التشكيلية المصرية .. وهذا الموضوع اسعدنى جدا لأن أى خبر أو موضوع عن الفن التشكيلى يسعدنى كثيرا لأن الفن التشكيلى يعد هو أبو الفنون جميعا اى به شعر وقصة ورواية ومسرح أيضا .
ومن هنا لم تكن الحركة التشكيلية المصرية بعيده أو فى معزل عما يدور من تغييرات يشهدها الوطن ..
وقد كان أول معرض بعد حزيران ٦٧ فى نوفمبر ١٩٦٧ بلندن وهؤلاء الفنانون هم ، صلاح طاهر ، خديجة رياض ، يوسف فرنسيس .
ودعما للمجهود الحربى شهدت القاهرة ” أول سوق للفن يقام فى مصر ” وذلك تأكيدا لأهمية الفن فى جذب الجمهور ، ليس فقط بالمشاهدة و التأمل ، بل أيضا بالأقتناء .
ومع انطلاق حرب اكتوبر
ولأن الكل يشعر بالمسؤولية تجاه الوطن ، فقد سعى الفنانون التشكيليون إلى تنظيم معارض لهم فى مختلف المحافظات المصرية .
_ وفى الصفحة رقم “145” نجد خبر مهم جدا أورده المؤلف عن الدكتور طه حسين ، حيث نجد يقول ( وفى ٥ يناير 1970 تنشر الأهرام حوارا مع طه حسين عن رقم 7 ومضاعفاته وأثر هذا الرقم فى حياته ، وكان وقتها طه حسين قد تعدى الثمانين من عمره وفى هذا الحوار تنبأ بعزوف الشباب عن قراءة الكتب وميله للتليفزيون و الراديو والصحف لا سيما بعد اختفاء الكتب الجادة ” ثم بعد ذلك تحدث الدكتور عن رقم ٧ فى حياته ومضاعفاته .
وفى نهاية هذة الرحلة الممتعة لا اجد ما أنهى به تلك الرحلة غير ما
ذكره فى الصفحة رقم ١٦٤ حيث قال الكاتب الاستاذ طارق الطاهر ( من الأمور اللافتة للنظر فى هذه الفترة ” ١٩٦٧ _ ١٩٧٣ ” هو ظاهرة مسرح الشارع فى مصر ، فتنشر الأهرام فى ١٣ أغسطس ١٩٧٠ خبرا بعنوان ” اللقاء مع مسرح الشارع سيبدأ بعد أسبوع .. تجربة مسرحية جديدة تستعد الآن للخروج إلى الحياة بعد نجاح مسرح القهوة التى دخلت حياتنا الفنية الشهر الماضى . التجربة لمجموعة من الشباب من عمال وطلبة وموظفين وأصحاب مهمن ، جمعهم حبهم للمسرح ، فكونوا فرقا مسرحية بأسم “مسرح الشارع ” تقدم فنها للجمهور فى شوارع القاهرة وميادينها ” والله فكره جميله جدا وسهل تقديمها فى كل مكان وانا افكر فى تقديمها فى اتحاد الكتاب فرع المنصورة ، لكن بعد الإنتخابات ؟!!
اقرأ ايضا:
قراءة في كتاب “كلام ابن عم حديت وكلام زى الخمر” للكاتبة اليس جابر