حيدر غراس يكتب قصيدة ” شاعر بالفطرة”

حيدر غراس

شاعرٌ بالفطرةِ

تعدَّيتُ مرحلةَ الشِّعرِ بمرتبةٍ كبيرةٍ
هكذا يكذبُ البعضُ حين ينعتونني
كلما كتبتُ ولو (طقطوقةً) قصيرةً
…… ١
لم أكنْ أبداً كما يدَّعون شاعراً بالفطرةِ
لم تكن لي افتتاحيةٌ في جرائدِ الثورةِ
لم أفصِّلُ من أجسادِ النساءِعباءةً
ما زلتُ أفشلُ حتى في بناءِ كُثيّبٍ صغير ٍمن حلماتِ الماءِ ولو قطرةً قطرةً
لم اكن شاعراً قُحٍ
شتّان بين شاعرٍ قُحٍ وأخر وقحٍ وإن تساوتْ المسميّاتُ في فهارسِ أوراقِ الكتبِ الصفراءَ،
أمي تتباهي ببياضي أمام بناتِ الجيران مع ذلك يُصرُّ أبي على اسمراري،كلما صرخَ بوجهي ( بأبو سمرة)
سُمرتنا نحن أهلُ الجنوبِ خارجَ سياقِ الشِّعرِ بعيدةٌ عن التأويلِ، حذلقةُ النقّادِ وأن أشعلتَ لهم أصابعَك العشرةَ
……. ٢
لا أُنكرُ
لستُ بشاعرٍ عذريِّ
وأبناءُ عُذرى ليسوا أعمامي
لا خولةَ لي مع الصعاليك
وإن كنتُ مديناً بالكثير لعمّتي نخلةَ البصرة ِ
الفطرةُ بيضاءُ
هكذا أرادَ لها الربُّ
لماذا اسودَّ وجهُ رجالٍ يحسبون الشّعر معظلةً كبرى؟
ألم يكن الشِّعرُ فكرةً
أليس الشِّعرُ في ذهنِ الإلهِ فكرةً؟
أليس الشعر خيطٌ لا يُرى جهرةً
بين الخبزةِ والتمرةِ
بين الحُصاةِ والجرَّةِ
بين الزرقةِ والخضرةِ
بين النظرةِ والنظرةِ..؟
….. ٣
لم أكن شاعراً بالفطرةِ
لا يوجدُ بين أوراقي وصلٌ لجمهرةِ الشعراءِ
لم تلعبْ برأسي شياطينٌ حمراءُ
ولم تعاقِرْني الخمرةُ صباحَ ومساءَ
لا أكتبُ سوى بغبارِ طباشيرَ لسبوراتِ عمر ٍأكلَ الملحُ خيوطَها
وراحَ بين الرحلاتِ يبحثُ عن عمرِه
أبي؛
لم يحفظْ بحورَ الشعرِ
، لم يتداركْ مافت
الا حين اعشت عيناه اليمنة َواليسرى
أمي؛
لم تتغزلْ بكعكِ أعيادِ الميلادِ
ما زالت تلبسُنا أثوابَ إخواني
تفصلُّها على مقاساتِ الجوعِ
خارجَ سياقِ العوزِ
داخلَ نطاقِ الأسرةِ

.حيدر غراس/العراق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى