“ولن ترضى عنك زوجتك حتى وانت تحت التراب” قصة قصيرة للكاتب حسين عبدالعزيز

حسين عبد العزيز

المفهومية والذكاء والحداقة وخفة الدم تلك هى صفاتى، رغم قصر قامتى وصلعتى التى ليس لها مثيلا، ورغم قسوة الحياة وهبل الناس، فأنا أتعامل مع الكل وخصوصا زملاء المدرسة أو إدارة الأوقاف أو الجامعة أو زملاء مركز الشباب والرياضة أو الجريدة التى أمر عليها مرة كل يوم وأنا عائد من الشغل، حيث لا فرق بينهم جميعا، فإن الرزق يحب الخفية .. والشاطرة تغزل برجل حمار.

حسين عبد العزيز

وهذا يعنى ان لدى أمل كبيرًا، لا يحدوه حدود، ولا يمكن أن استسلم لمصيرى من زوجة حاقدة، وعائلة مريضة فلم اضبط نفسى مرة واحدة اشتكى منها او من عائلتها، أو من حموريتى، التى تجلت بزواجى منها، وقد أصبحت أكبر حمار حصاوى فى الحارة .

بل فى القٌطر كلة بل قل يا عزيزى فى الشرق كله، وبهذا اعُد أكبر من حمار السعدنى والذى سماه حمار من الشرق، ورضيت بحالى وحالى رأسه و الف جزمة قديمة الا يرضى عنى .. مع انى طيب وغلبان والقطة تأكل عشيا، لكن هى رأسها والف جزمة قديمة ترفض ان تغير من تعاملها معى.

مع ان القطة تسامحت مع الفار وأخذت تلعب معه وتهزر كمان ، إلا زوجتى التى ترانى ابدًا متهما ومُدنا بكل تهم الرجال فيما يخص النساء ،وكلما حاولت أن أدافع عن نفسى، تضحك وتقول ” قالوا للرجل احلف قال جالك الفرج ” فمهما قلت فانت متهم الى ان تطلع روحك و ورح اللى خلفوك .. وتحت هذا الارهاب الزوجى والتنمر على قصر قامتى وعلى صلعتى ،الا أننى متحمل كل هذا ، ولم اشتكى مرة أو أبكى ، رغم ان دمعتى قريبه .
وكانت الفلهوة هى سر تحملى لكل الفظائع .. ورغم ان الفهلوة كلمة فارسية تطلق على كل من يتميز بالشجاعة والشطارة وسعة الحيلة مثلى ..

وافوق على صوت بائع البطاطا وهو ينادى بصوته الخشن ( معسله بنار الفرن يا بطاطا ) وبطاطا هو اسم زوجتى الاولى التى ماتت بالغرور ، وكأنها هى الوحيدة الجميلة فى كفر المعزه او الغنية الوحيدة فى القبيلة ، او هى الوحيدة اللى بتفهم فى الشرق كله ، ولولا فهلوتى فى التعامل معها ، لكنت الان تحت التراب اغنى (ظلموه ) ، وكما انا المستشرق الفرنسى جاك باركن يرى ” أن الفهلوة قد حافظت على مصر من الضياع والتلاشى ” كذلك الفهلوة حافظت على وجودى فى تلك الحياة التى لا ترحم مثل النساء، فانت مهم عملت وقدمت، لن ترضى عنك زوجتك ابدًا ودائمًا انت متهما حتى بعد ان تنام تحت التراب، ليه محدش عارف سبب تعنت الزوجات مع الأزواج.

وقلت افتح محل سمسره ..فكانت التهمه ان السمسرة شغلها كله مع الستات ..ففشل المحل .. فقلت اغير نشاطه الى محمل موبايلات وانا شاطر فى اللعبه دى او كما يقول ولاد البلد ان دى لعبتى ولعبت اعنى اشتغلت وتعرفت ..لكنها اشاعت “ان كل زابينى ستات وبنات “.

فقلت صارخا خلى بالك “انا شعرى مش اصفر ولا عينى خضرا” وهنا وجدتها تلطم وتقول ” مهى دى المصيبة ، ببحبوك على ايه ” واجدنى انفجر فيها قائلا ( وانت مشكلتك ايه فى عدم حبى ).

وقلت أفعل فعل المعلم حنفى فى نهاية فيلم ابن حميدوه ، بأن ارفع يدى الشمال اضرب زوجتى قلما او اثنان حتى ينعدل حالها وتفوق لحالها وتعود لرشدها ،وتكون كما النساء التى نسمع عنهم فى اليابان . وياليتنى ما فكرت فى ذلك ؟!!!

وهذا موضوعا اخر

والان يجب ان اعترف واقر بأنى استحق كل ما انا فيه ، وكل ما تفعلة زوجتى التى تعرفت عليها فى ادب عين شمس وكان المكان الذى ولدت فيه هو سبب تعلقى بها فهى من مواليد شبرا ، وانا احب شبرا كثيرا ، بسبب المغنية الفلته داليدا ، وايضا بسبب التنوع الثقافى الكبير الذى الذى يعرف عن شبرا . ومن هنا وقعت فيها وكانت حلاوتهم بالفعل حلاوتهم فى الكلية وفى الجامعة وفى الحى.

وقبل ان اتخرج كنت اعمل فى محل كبير فى شبرا ، ومن حسن الحظ كان المحل يوجد امام بيتهم ، وكل يوم أكتب فيها قصيده وهى تلقى على بنظرة وابتسام ، حتى وجدتنى اتزوجها وانقل إقامتى إلى شبرا بعد ان تركت قريتى ، وامى تبكى لانى تارك قريتى وكأنى ذاهب الى الحجيم ، كانت أم واعية وانا شاب اهوج ضحكت علي فتاة جميلة من شبرا وتزوجته وصنعت منى لعبه فى يدها وكل هذا بسبب شعرها الذى اثر الفتى فغامر ، لكنه فاق وثار على نفسه وعليها قال لها ” فلتعلمى انك لست الجميلة الوحيده فى الحى والحى ليس انت ،وانت تتحبى لكنى احب نفسى أكثر “.

ومضى الرجل الى حال سبيله وهو لا يدرى أين هو السبيل ، لكنه يعلم انها لن ترضى عنه حتى وهو تحت التراب .

اقرأ ايضا:

حسين عبدالعزيز يكتب قصيدة “حزيرانى أنا .. وأنا حزيرانى”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى