أسامة مهران يكتب: بقرار!
أسامة مهران
بقرار مني او منك كتبت ، بإرادة شرق أو غرب، بخيانة شعب أو درب مشيت ،لم انصت لدموع الأم الثكلى في غزة، ولم اتنبه لبكاء الطفل الأعزل تحت الانقاض ببيروت، حتى افقت ذات صباح لأبدأ يومي ، وياليتني ما أفقت ، سوريا تضرب في أعز ما تملك، في أمنها القومي، في أرضها وعرضها، جماعات غريبة ومقاتلين غرباء يستبيحون كل المدن السورية بمنتهى السهولة واليسر ، جماعات وميليشيات عسكرية تقترب من حمص بعد ان احتلت حلب واجتاحت حماة.
جماعات أخرى من داخل سوريا تسيطر على كامل دير الزور ، الجيش السوري لا وجود له ، الشعب مختف في الملاجئ خوفا من تكرار ما يحدث في غزة او لبنان ، الرئيس السوري بشار الاسد ومساعدوه لا حس ولا خبر لهم او منهم، أين سوريا يا ترى ؟ أين جيشها وشعبها ؟ جاء متفلسف ليعلن أن الجيش والشعب يحرسون الرئيس ، فهو خط الدفاع الأخير عن شرف الأمة ، وجيشه هو الملاذ الآمن لها من كل عدوان ، ذهبت الى عملي كالمعتاد ، فإذا بالوجوه وقد اعتلتها الحيرة ، واغرقتها التساؤلات، ما الذي حدث يا ترى للنظام السوري المتملك من السلطة طوال ٦٠ سنة على وجه التقريب ؟، أين الشعب ؟ وأين الجيش ؟ بل أين الرئيس ؟ جميعها اسئلة مشروعة.
وجميعها صرخات موجعة حيث لا أحد يجيب ، ولا أنباء تشفي الغليل ، ولا بيان عنتري تخرج به القيادة السورية او الإدارة الإعلامية على الأقل لطمأنة الناس .
كانت وكالات الأنباء الغربية على مايبدو تعرف أكثر منا ، وكانت الأخبار القادمة من واشنطن ولندن وباريس وحتى من اسرائيل اكثر صدقا مما يبث لنا من الفضائيات العربية ، قوات ” الجولاني ” لم تكن في نزهة بريف دمشق، ولا في جبل قسيون الذي تحول فجأة إلى ثكنة عسكرية للجيش السوري “الرهيب “، الجولاني بالفعل يدخل مع رجاله الاشاوس الى الجامع الأموي الكبير ليلقي خطبة عصماء على الأمة، ويعلن إنتهاء حقبة الأسد، والأنباء تعلنها مدوية على الفضائيات، لقد هرب الأسد من الفخ وها هو الآن بين أحضان الرفيق الروسي، عائلته برفقته او بعض منها ، لا يهم المهم ان الرئيس بخير حتي لو اقتلعوا انيابه وحطموا مخالبه.
وفي غفلة عين وانتباهتها نجد القوات الإسرائيلية وهي تتجول في كل مكان بسوريا وكأنها كانت برفقة الجولاني وجماعته ، اسرائيل تكشر عن أنيابها، تضم الجولان إلى الأبد، وتضرب المطارات السورية وتحطم القوات الجوية، والصواريخ الصهيونية الموجهة تقضي على ٢٧٠٠ دبابة سوريا في لمح البصر، الصديق الجولاني الذي يمد يد الصداقة للجميع لم يكترث ، لم يهتم لكنه والشهادة لله أعلنها صراحة: لست في موقف لصد العدوان الإسرائيلي، لكنني أمد يدي بالسلام شأني في ذلك شأن جميع الأنظمة العربية الأخرى، إسرائيل لم تكترث، ولم ترحب.
أما الجامعة العربية التي تسكن مثواها في القاهرة فقد دعت لإجتماع عاجل لمجلس وزراء خارجيتها، الذين وصلوا في الموعد، ولم يتأخر أحد، وكان البيان كالمعتاد، مساندة كلامية لسوريا ودعوة حنينة للعدو الإسرائيلي من أجل التوقف فورا عن العدوان على سوريا ، ثم دعوة المجتمع الدولي لكي يتحمل مسئولياته التي لم يتحملها منذ وعد بلفور عام ١٩١٧ حتى الآن، وها أنذا يطلبون اليوم مني أن اتكلم فماذا اتكلم بالله عليكم ياقوم ، هل تكلمت الزرقاء لأمل دنقل كي تأتي لي اليوم لتبوح بأسراها بعد أن قال سبارتاكوس كلماته الأخيرة بحق الله ، بحق اللعنة ، وبحق الشيطان: من قال لا في وجه من قالوا نعم، من علم الانسان تمزيق العدم ، من قال لا فلم يمت، وظل روحًا أبدية الألم “.
اقرأ ايضا:
الجامعة الأهلية تفقد رئيس مجلس إدارتها بعد ٢٥ عامًا من العطاء