” ورقة صغيرة .. تمنح الدفء” قصة قصيرة للكاتبة حنان فتحي
حاولت الارتكاز بقدمها المتعبتين، بدأت خطواتها بطيئة على الكوبري الموازي لشريط القطار، قطعت المسافة بين المدينتين في اختصار؛ متجنبة في ذلك العربات الأجرة والملاكي والميكروباصات تلك التي تبتلع الكثير من وقتها الثمنين!
كانت ترتدي عباءة فضفاضة من الصوف .. خدش المسمار الصدئ النافر من الطاولة المكتظة بملفات عملها الوظيفي حياء قماش العباءة ، فتقطعت الخيوط لتشكل ثقبا صغيرا في ذيلها جعلها تتعثر في المسير.!!
عن يمينها .. يمر القطار .. ترتج قطاعات الصاج والمعدن من جانبي الكوبري .. ترتج على إثرها عظام الأقدام أسفل جلبابها الطويل !! .
ورقة صغيرة
كادت أن ترتطم بسور الكوبري الخراساني ؛ لأن دوار رأسها المتعبة والمحشوة بهموم النهار والواجبات المنزلية يطوقها ؛ ويجعل عينيها المكحلتين بدمع الفراق على الزوج الحبيب في زغللة مستمرة ؛ ويجعل جسدها النحيل في ضعف دائم .
عن يسارها يرتكز ذراع الولد العاشق الواقف بجوار البنت العاشقة .. يرتدي كل منهما بنطلونا من قماش “” الجينز”” وحذاء جليدا لامعا يصل إلى منتصف الساق .. يطلقان ضحكاتهما فتضاء بقعة تحت السماء بين مدينتي المنصورة وطلخا.. وتظهر للبنت غمازتان في خديها ويتحدث الولد العاشق عن أحلامه القادمة ؛ ثم يأخذ من يدها ورقة صغيرة بها كلمات دافئة ؛ مرسوم عليه “” قلب وسهم وريحان “” يكورها .. يعيدها مرة ثانية للبنت العاشقة .. تسقط الورقة الصغيرة في ماء النيل ؛ فتلتقطها بنت العشرين الوحيدة الجالسة في قارب صغير وهي إذ تغني للنيل ؛ ويداعبها من الإيناس نسيم .
الوحيدة المتعبة الأقدام ما زالت تسير .. كانت تحدث نفسها عن حلول لمشاكل تلاصقها بمفردها “” وظيفة للابن الأصغر “” مصروفات للابن الأكبر إرضاء لأهل زوج البنت “”.
“بداية حياة” .. قصة قصيرة للكاتبة سوما الباز
الوحيدة المتعبة المشتاقة تتأمل ناحية اليسار … تقف وسط الكوبري .. تضع ما في يدها على الأرض .. أكياس الخضروات والفاكهة وأرغفة من خبز الفرن البلدي .. تمسح الوحيدة المشتاقة والمتشوق أثار دمعة على خدها .!!
يذهب دوار رأسها .. تبدو في يقظة حالمة .. تبتسم عيناها وهي تسترجع كلمات الحبيب :”” لقد فارق الحياة .. لأنه كان يحبني أكثر مما أحبه “”. ورقة صغيرة .
تستند على الكوبري في شغف .. تتأمل النيل الذي يجري تحتها .. ترى صورتها بنتا في العشرين من عمرها ؛ وهي جالسة وحيدة في القارب الصغير .. تحتضن ورقة صغيرة مكورة .. تستدفئ بها ؛ وتدفئ أحلامها الباردة .. تفتحها .. تتأمل السهم والريحانة والقلب ..
الوحيدة المشتاقة صاحبة الجسد النحيل تحلق بنظراتها بعيدا وما زالت تغني للنيل ؛ ويداعبها من الإيناس نسيم.
“بين الأمل والخوف” .. قصة قصيرة للكاتبة ياسمين عبدالرحمن ثابت