هبة عبد الوهاب تكتب: تمكين المرأة
تمكين المرأة هو خطوة ضرورية لتحقيق العدالة والمساواة في المجتمعات، وهو بالفعل عملية متعددة الأبعاد وتشمل العديد من جوانب التنمية. ونأمل منه أن يساهم في بناء مجتمعات أكثر توازنًا واستدامة.
ولكن تظل هناك تحديات حقيقية أهمها إن المرأة القائدة؛ التي تحمل على عاتقها دورًا مهمًا في القيادة والإدارة، وتساهم في إحداث تغييرات ملموسة في بيئة العمل. وتذليل العقبات التاريخية والاجتماعية التي قد تحد من فاعليتها عند وصولها إلى المناصب الإدارية، عليها أن تثبتت قدرتها على تقديم أداء متميز. وقدرة على مواجهة التحديات، ربما يحدث هذا إذا تحصنت المرأة القائدة بفريق عمل متميز، وابتعدت عن الطرق النسائية المستخدمة داخل البيوت، وغيرت من نمط تعاملاتها التي اعتادت عليها في إدارة بيتها، ونجحت في الفصل بين علاقتها مع سلفتها وعمتها “أخت الزوج” وعلاقتها مع مرؤوسيها، واهتمت بالكيف والكم دون أن يطغى أحدهم على الاخر، في تنسيق حقيقي يليق بدور القيادة. يقينا هى معادلة شديدة الحساسية، لن تتقنها المرأة بتركيبتها المتعارف عليها مجتمعيا بمصطلح “الكيادة” والتي وصفها الله سبحانه تعالى قائلا “إن كيدكن عظيم”، إلا إذا مرت بمراحل تقويم وإعداد كثيرة تساعدها على النظر للأمور بحيادية، ومرونة في آن واحد.
ان المرأة عندما تصبح في منصب قيادي، عليها أن تهتم بالتواصل الفعّال والاستماع الواعي للموظفين وفهم احتياجاتهم، حتى يساعدها هذا على بناء علاقات عمل صحية، ويعزز من تماسك فريقها، لأن التواصل بوضوح والتعبير عن الأهداف يجعل بيئة العمل أكثر شفافية وسهولة ويسمح بنتائج مبهرة.
كما أنه يجب على المرأة القيادية أن تجلّ منهج التعاون، لبناء فريق عمل متماسك يعتمد على الثقة المتبادلة. لأن هذه الخاصية تساهم في خلق بيئة عمل تشجع على الابتكار والإبداع.
ويأتي الاهتمام بالتفاصيل في المركز التالي، وهو أمر يميز فعلا كثير من القيادات النسائية، فهن غالبا يتميزن بالقدرة على التعامل مع التفاصيل الصغيرة التي قد يتم إغفالها أحيانًا. وصدقا إن هذا الحرص في الأغلب يضمن أن تجري الأمور بسلاسة ويدعم وضع الخطط بعناية، مما يقلل من الأخطاء ويحسن الكفاءة العامة للمؤسسة.
يأتي دور المرونة والتكيف: وربما هذا يكون من طبيعة المرأة أصلا، لكنها عندما تتولى منصبا إداريا نجدها في محاولة للتخلص من هذا ظنا أنه قد يظهرها ضعيفة القيادة، أو يُفلت زمام الأمر منها، رغم أن المرونة في التعامل مع المتغيرات وتكييف الاستراتيجيات لتتناسب مع الظروف المتغيرة للموظفين والمؤسسة، يجعلها أكثر قدرة على التعامل مع التحديات المتجددة وضمان استمرارية النجاح.
أخيرا: على المرأة القيادة عدم التخلص من علاقتها الإنسانية مع موظفيها، بل على العكس، عليها الحرص على بناء جسور العلاقات الإنسانية لأنها مدخلا حقيقيا لإنجاز العمل على أفضل وجه، وعليها أيضا أن تنتبه حتى لا يصيبها الشعور بالكبر، فيختلط عليها أمر القيادة مع الغرور، وتفقد علاقتها دون أن تشعر!..
ويمكننا الاعتراف أنه رغم الكفاءات العديدة التي تظهرها النساء في المناصب القيادية، إلا أنهن غالبًا ما يواجهن تحديات متعددة، ومنها:
1. الصورة النمطية للقيادة: ونجد هذا لدي الكثير من النساء القياديات، فهن ما زلن يواجهن قوالب نمطية تنظر إليهن على أنهن أقل قدرة على القيادة مقارنة بالرجال. وهذه الصور النمطية قد تجعلهم يظهرن مخالبهن، وتنقلب الأمور لحرب جندرية أو أحقاد متبادلة من زميلاتهن، وغالبا تتوه مصلحة العمل وسط هذه الحروب.
2. التوازن بين العمل والحياة الشخصية: غالبًا ما تواجه المديرات تحديًا في تحقيق التوازن بين العمل والمسؤوليات الشخصية أو الأسرية. وهذا التحدي يمكن أن يفرض ضغطًا إضافيًا على المرأة المديرة، خاصة إذا لم تكن هناك سياسات داعمة داخل المؤسسة.
ومن أهم فوائد القيادة النسائية داخل المؤسسات، وجود منظور مختلف ومنهجية شاملة في الإدارة. من أبرز هذه الفوائد:
1. التنوع والشمولية: وجود امرأة في القيادة يعزز من ثقافة التنوع والشمول داخل المؤسسة، وهو أمر مهم للابتكار وتقديم حلول مبتكرة للتحديات. الدراسات تظهر أن الفرق التي تقودها نساء غالبًا ما تكون أكثر تنوعًا في التفكير وأكثر إبداعًا في الحلول.
2. الاستقرار العاطفي: النساء يتميزن بالذكاء العاطفي العالي، مما يمكنهن من التعامل مع الأزمات والصراعات داخل المؤسسة بطريقة هادئة وبناءة. هذا الاستقرار العاطفي يعزز من استقرار بيئة العمل ويساهم في تقليل التوتر بين الموظفين.
3. زيادة الإنتاجية: الدراسات تشير إلى أن الفرق التي تقودها نساء تكون عادة أكثر إنتاجية. هذا يعود إلى القدرة العالية للمرأة المديرة على التحفيز والإلهام، وكذلك قدرتها على وضع استراتيجيات فعالة لتحقيق الأهداف.
وأخيرا وليس آخرا؛ إن المرأة المديرة تمثل نموذجًا قويًا للقيادة الحديثة التي تعتمد على التعاون، والتواصل، والتنوع. رغم التحديات التي قد تواجهها، فهى قادرة على تقديم أداء متميز وتحقيق نجاحات كبيرة للمؤسسة التي تقودها. كما أن المؤسسات التي تمنح المرأة الفرصة لتولي المناصب القيادية، تجد نفسها أكثر استعدادًا للتكيف مع التغيرات وأكثر قدرة على الابتكار.