قراءة في رواية مضاجعة الموت للكاتبة فاطمة خضور

كتب: حسين عبد العزيز

قراءة في رواية مضاجعة الموت هى رواية للروائية السورية ” فاطمة خضور ” التى كتبت فى الاهداء الثانى مقولة ذات معانى كثيرة ،وقد نقشها أو كتبها الشاعر و الرسام والكاتب الوجودى “جان كوكتو “( و ها أنا …أحاول أن أعيش حياتىأو بالآحرى أحاول أن أعُلم الموت الذى بداخلى كيف يستطيع إن ..يعيش.

ونحن يجب ان نعرف كيف نعيش ” جان كوكتو ” وجودى الفلسفة ، والفلسفة الوجودية تبحث عن الماهية ولا تهتم بالوطن ، وهى هنا عكس الفلسفة الشيوعية التى هى معنيه فى المقام الأول بالوطن ولا يعنيها الإنسان من قريب أو من بعيد وفى سبيل هذا يمكن ان يتم سحق الإنسان سحقا كاملا ،ولا تقلق تلك الفلسفة من ذلك أما الفلسفة الوجودية فقد خرجت من رحم الحرب العالمية الثانية ، تلك الحرب التى قُتل فيها الملايين وخُربت البلدان.

قراءة في رواية مضاجعة الموت

ومن هنا نجد ان رواية ” مضاجعة الموت” قد خرجت من قلب الحرب السورية التى قتل فيها شعب لا ذنب له غير انه يريد أن يعيش كما يحب هو وليس كما يريد الآخر .

وفى هذة الرواية التى نجدها مكتوبة بضمير الآنا، اى بضمير المتكلم، أى أن البطلة والتى اسمها فاطمة وتعمل فى مجال التمريض، نفس اسم المؤلفة ونفس عملها ، وهذا يضعنا فى مأزق ، وهو هل الرواية سيرة ذاتية للكاتبه أم هى محاوله فى أن تقدم لنا المحنة التى تعيشها فى شكل عمل روائى حتى ترتاح من تلك المحنة والتى تعرف بأسم الأزمة السورية.

لكن نحن سوف نبتعد قيلا حتى نتمكن من قرأت أحداث الرواية و نقدم نظرتنا لها، ونحن سوف نعيد ما نقوله ويقوله غيرنا أن ميزة الروايه هى أنها قادرة على مناقشة أى قضية وبأى لغة وبأى وسيلة و تحتوى اى موضوع داخل متنها، كما سوف نجد الآن فى مضاجعة الموت، هذا العنوان الذى يجب أن نفككه قبل أن نلقى نظره على متن الرواية.

كلنا يعلم معنى كلمة مضاجعة تلك الكلمة المشهور استخدامها فى وصف العلاقة الغير شرعية، وهنا نجد أن الروائية كانت على قدر كبير جدا من الذكاء فى استخدام هذا المصطلح لكى تصف حال وحالت الشعب السورى العزيزى علينا جميعا، حيث العنوان يقول لنا أن الموت يضاجع الشعب السورى، الذى يريد أن يعيش، لكن فرض عليه الموت، وقد تمكن الموت من أن يضاجع الشعب السورى .

حفل توقيع ومناقشة ليلة رائعة لقطار القاص أحمد ثروت

الموت حق لكن المضاجعة بتلك الطريقة ليست حق، وإنما هى مثل الاغتصاب، ونحن جميعا نعلم ونعرف ماذا يعنى الاغتصاب أى المضاجعة خارج إطار الشريعة والقانون .وهذا بالضبط ما سوف نجده فى متن الرواية.

فأحداث الرواية نعيشها من خلال امرأة تعمل وتعيش واقع آليم لها ولبلدها الذى كانت تدور على أرضية عمليات قتل غير مفهومة لماذا كل هذا القتل والتخريب الذى قامت به داعش وهى ترتدى ثوب الدين كما يحدث فى مصر وفى اليمن وفى اى مكان بالوطن العربى .. يتم فيه القتل التخريب .

وتستمر الراوية فى تقديم مشاهد ولوحات مرسومه بدم أهل سوريا كبار و صغار ، لا يوجد فرق ، كل هذا والرواية كل فترة تطرح سؤالا عن لماذا يحدث ما يحدث وما هو ذنب الناس فيما يحدث لها من قتل ؟! وتعذيب وتشريد ، ومن لم يمت بالرصاص مات من البرد أو من الجوع وتمضى الرواية وهى تقدم لنا وجهات نظر متعدده من خلال لغة عربية جميلة وتشجع على القراءة وعلى أن يعيش القارئ أحداث الرواية مثل اى مخرج متمكن حيث ينحج فى ان يجبر المشاهد على ان يعيش الأحداث ويندمج معها.

وتمضى الأحداث لنجد هذا القرار الذى اتخذه الزوج المغلوب على أمره ، ويعد أصعب قرار أخذه فى حياته ألا وهو الخروج من بلده خوفا ورعبا وتكون مصر هى البلد التى يرتاح اليها ، وهنا يعمل جاهد على ان يندمج فى المجتمع المصرى الذى لا يختلف كثير عن المجتمع السورى ، بل يمكن ان نقول ان الذى يجمع المجتمع المصرى والسورى كثير جدا ، والمجال ليس هنا لتعدد الأشياء التى تجمع المجتمعان معا .

وهنحن نقراء ما ذكرته الراوائية فى الصفحة رقم 127 ( استطعنا أن نتعيش مع الحياة فى مصر ، فشعبها طيب لا يجعلك تشعر بالغربة ، وقد كانوا يمدون لنا يد العون لكثير من العائلات السورية المنكوبة ) وفى الفصل الاخير من الرواية نجد انفسنا مع فاطمة وعائلتها وهى تعود الى دمشق حيث الأهل والاحباب والطيور والأشجار والذكريات ، لم تصدق فاطمة انها عادت الى بيتها وحياتها .. ووجدت أن تسجل وتكتب كل ماحدث لها ولوطنها فى رواية يكون عنوانها ” مصاجعة الموت ” وكانت سعيدة وهى تكتب وثقافتها تساعدها على انجاز هذا العمل الروائى الذى يحمل هذا العنوان.

” أرواح تائهة”.. قصة قصيرة للكاتبة تبارك الياسين

ونفهم من هذا أن المؤلفة تؤرخ للحرب السورية من خلال عمل روائي به الكثير من الواقع ، ومغلف بالخيال الذى يتطلبه العمل الروائى حتى يقدر القارئ أن يتفاعل معها ، فيعيش أحداثها المخيفة والمرعبه من قتل وهدم وتخريب.

إن رواية مضاجعة الموت ذات العنوان المغرى بالقراءة يحبب فى إنتاج المرأة المبدعه .. اين كانت جنستها لأن إبداعها يتعدى الجنسية . وهى هنا اى المرأة المبدعة تذكرنا بجدتها الكبيرة التى تفوقت على الكل فى السرد . اعنى أنها حفيدة شهرزاد، إذن ليس غريبًا على المرأة أن تبدع نصوص تخطف العقول !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى