” مصر ”
أَسْأَلُ عَنْ شَمْسٍ
غَرَبَتْ خَلْفَ الشَّمسْ ..
أَسْأَلُ عَنْ قَطَرَاتٍ جَفَّتْ مِنْ حَلْقِ الأَرْضِ
المَوثُوقِ بِحَبْلِ القَيْظِ المَجْنُونْ ..
أَسْأَلُ عَنْ كُلِّ قَنَادِيلِ الفَرْحِ المَنْسيَّةِ
فِي أَدْخِنَةِ المَوتْ ،
لِتُضِيءَ رِدَاءَ الوَطَنِ الأَسْوَدِ ..
أَسْأَلُ عَنْ أَمَلٍ أَخْضَرْ
قَدْ يَنْمُو فِى صَحَرَاءَ النَّارْ ..
أَبْحَثُ عَنْ أَيِّ دَوَاءٍ
يَشْفِي سَاقاً يَنْخَرُهَا شَلَلُ الجَلَسَاتِ
وَسُوسِ التّصْوِيتِ المُعْتَادْ
تَرْقُدُ فِي خَنْدَقِهَا المَهْجُورْ
أَبْحَثُ عَنْ أَيِّ دَوَاءْ
كَيّ تَصْحُو تِلْكَ السَّاقْ
كِيّ تَعْتَقَ ضَوْءاً يَجْلِدَه اللَّيلُ
مِنْ ذَاكَ الوَهَجِ الدّمَوىّ
أَبْحَثُ عَنْ فَجْرٍ فِي لُغَةٍ تَصْدِي
يَخْمِشُ
يَحْدِثُ صَدْعَاً فِي غَسَقِ الصَّمْتْ
أَبْحَثُ عَنْ حَنْجَرَةٍ تَجْمَعُ كُلَّ لُغَاتِ العَالَمِ
فِي كَلِمَةْ
تُصْبِحُ مَاءً يَخْمِدُ
سَيْفَاً يَخْرُسُ
أَلْسِنَةَ اللّهَبِ المُتَطَاوَلِ
مِنْ أَشْدَاقِ الإجْرَامْ
أَبْحَثُ عَنْ سِرِّ شِبَاكٍ
تُغْزَلُ مِنْ خَيْطِ الخَوْفِ
لِتُصِيبَ الرُّبَّانَ
الغَوَّاصِينَ الفَارِينَ
مِنْ الأَسْرِ
مِنَ القَتْلِ
وَقَرْصَنةِ المِينَاء
مَنَ يَسْبَح ضِدَّ التَيَّارِ
أَو يَمْخُرُ بالسُّفُنِ الحَيْرَى فِي زَبدِ الدَّمْ
لِتَرْسُوَ فَوْقَ المَرْفَاْ
هَلْ يخْطِئ
فِي حَقِّ الأوْطَانْ ..؟
فَبَحَثْتُ كَثِيرَاً
خَلْفَ الكَلِمَاتْ ،
وَمَا تَحْوِيهِ التَّصْرِيحَاتْ ..
حَوْلَ الشَّمْسِ أَطُوفُ ،
وَأَبْحَثُ
أَهْبُطُ فِي صَحَرَاءَ النَّارِ
وَأُنَقِّبُ فِي ثَوْبِ الوَطَنِ الفَاحِمِ
أَنْقُضُ كُلَّ الأطْلَالِ
وأَحْفُرُ فِى الأَنْقَاضِ
وَأَغْرُبُ بَيْنَ رِمَادِ الهُدْنَاتِ
وَبَينَ رِفَاتِ الأَشْيَاءْ
وَعِظَامُ قِطَارَاتٍ رَحَلَتْ
فَوقَ سُطُورِ الكُتبِ الصَّفْرَاءْ
وأُنَقِّبُ فِى أَمْعَاء الأَرْضِ
أَغُوصُ
أَغُوصُ ُبَعِيدَاً
أرْقُبُ فِى قَاعِ الدَّمْ
رَأَيتُ دُخَانَاً يَصَّاعَدُ فِى نَزْفٍ
مِنْ رِئَةِ الأَرْضْ
يِبْدُو مِنْه ” شَبَحٌ “ذُو قُبَّعَةٍ”
يَجْلِسُ فَوقَ الرَّئَتَينِ ،
فَيَرْمُقُنِي
يَسْتَلُّ السِّكِّينْ
أَتَصَفَّدُ
يُقْطَعُ رَأسِي قُرْبَاناً
قُلْتُ لِهَذَا ” الشَّبحْ ” :
– رَأسِي كُلُّ عُرُوبَتِنَا المَنْسِيَّةْ ..
قَالَ ” الشَّبحُ ” :
– إنِّي أَفْعَلُ مَا يُمْلِيهِ إِصْحَاحُ الرَّغْبةِ
مِنْ ” سِفْرِ ِالتَّكْوِينِ ” المَنْقُوشِ
عَلَى جِلْبَابِي الأَسْوَدْ …