أميرة المهداوي تكتب: نكبة جديدة
أميرة المهداوي
في كل مرة يطلب مني الصديق المحترم حسين عبد العزيز أن أكتب عما يجري في غزة تخنقني العبرات التي منعها الأسى من النزول وتفريج بعض من القهر الذي يحتبس في صدري.
لا بل وأشعر بالقهر الأكبر لعظم حجم المأساة أو لنقل النكبة الجديدة المتكررة ولضآلة قلمي فمن أنا حتى أستطيع أن أجسد أو أصور أو حتى أصف صرخة أم زادها حزنا أن الأولاد قد ماتوا جياعًا، أو أصف لوعة جد كان يرى حفيدته روح الروح ، هل تدركون ما معنى روح الروح.
أميرة المهداوي
أي أن روحه انتزعت مرتين قبل أن يدرك أن هذه الحفيدة غادرت إلى الأبد، من أنا حتى أرسم اللوعة في صوت ذلك الصحفي الذي كانت أقصى أمنياته أن يجد جثامين عائلته ليعلم أن تحت السماء لهم قبرا بإمكانه أن يزورهم كلما شاغله الحنين إليهم.
أو أجرؤ أن أجسد صوت تلك الطفلة التي تعرفت على أمها من شعرها، أو تلك الأم التي رأت في إبنها جمال يوسف فوصفته بالحلو الأبيضاني وكان اسمه يوسف.
من أنا وما حجم قلمي ليصف مشهدا أقل ما يقال عنه أنه من مشاهد يوم القيامة، حيث لا معالم لما يجري
كل ما هنالك أن الأصوات تختلط فقط لتعبر عن مدى الرعب الذي يشعر به انسان غزة ليس خوفا على نفسه بل خوفا ورعبا على أطفاله وبناته أن يكشف سترهن أو ام طاعنة في السن قد توقف قلبها حين عجز عن استقبال اقوى افلام الرعب على مدى تاريخ الإنسانية.
هل أجرؤ عن الكتابة عن من اكلت جثثهم الكلاب ولم يجدوا مدفنا في وطن كان أعز ما يملكون وقد فدوه بالأرواح ام عن أطفال خدج منع عنهم الأوكسجين ليموتوا خنقا حتى لا يكبر جيل يسعى للثأر، ما يجري في غزة يا سادة يا كرام لا تستطيع الأقلام تجسيده، ولا كاميرا أي مصور مهما كان من البراعة أن ينقل حجم الأسى في ذلك.
ما يجري في غزة ليس إعتداء على شعب آمن لتجريده من هويته وتحقيق المخططات التي تسعى تلك العصابات المجرمة في تحقيقها وليست محاولات لإفراغ وطن من مالكيه وليس فقط الحصول على أرض بدون أصحابها.
بل هو انتهاك لكل ما هو انساني، هو أكبر من ما يسمى اجرام هو خارج عن نطاق البشرية اصلا
تلك أفاعيل لا يفعلها حتى الشيطان نفسه، قد يحتاج علماء النفس وعلماء الأجناس للكثير من الوقت ليستطيعوا تصنيف هؤلاء المخلوقات وتبرير ما يحملون من شر.
هي حرب وجود سلاحنا فيها فقط الإيمان بأن الله يسمع ويرى وأن وعده الحق وأن الدائرة ستدور يوما على الباغي مهما طال الزمن ومهما غلا الثمن.
لك الله يا شعب فلسطين كنت تدافع عن شرف الأمة والآن تدافع عن الإنسانية بأكملها بدم ولحم أبنائك البررة ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون).
أميرة مهداوي
اقرأ ايضا:
أميرة مهداوي تكتب: مذكرات إمرأة مقدسية