معارك طه حسين والأكل الجاهز

كتب: حسين عبد العزيز

مداخلة بمناسبة مؤتمر الدكتور طه حسين والمزمع عقد يوم الجمعة القادمة فى دار الأوبرا، بحضور وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو ، والدكتور علاء عبد الهادى رئيس اتحاد الكتاب اكتب هذا المقال.

فى شهر أكتوبر من عام يتم الاحتفال بذكرى رحيل الدكتور طه حسين، فهو عميد الأدب العربى بغير منازع وإن مات الكارهون غيظا، ومن هنا تتجدد مدائح المحبه والتقدير، وعرائض الإتهام المكررة والتى تقرر بالصيغ ذاتها وذات المضامين والأفكار التى لا تتغير والتى لم تعد تصلح لكى تكون حججا، بل هى محاولات لََى أعناق الحقائق واستنطاق الأحداث بغير ما تقول أو توحى، فقط اطلب من هؤلاء أن يذهبوا إلى كتاب بنت الشاطئ ” الخنساء ” والتى أوضحت ما قاله فى كتابة القنبلة والذى انتج كتبا وأفكار لا تقدر أو تثمن.

معارك طه حسين والأكل الجاهز

إن المحير فى الاحتفاليات التى أقامتها الجرائد المصرية والعربية بمناسبة مرور خمسين عاما على وفاة سيادة الدكتور العميد ، هى أنها لم تهتم بمعارك الدكتور طه إلا بمعركة واحده وشهيره للغاية أنها معركة ” الشعر الجاهلي، والتى هى معركة سياسية فى المقام الأول والأخير، لكنها أخذت هذا الطبع الدينى لكى يتم ضرب الحزب المنافس لحزب الوفد، وهو حزب الأحرار الدستوريين وكان الوفد هو صاحب الأغلبية فى البرلمان.

وذهبت قضية الشعر الجاهلي اليه وهى معركة سوف تبقى مستمره إلى متى ؟! لا أحد يعلم غير الله، الذى هو فقط من يعلم الغيب ، أقول هذا لكى أشير إلى معركة الدكتور طه حسين مع الشيخ محمود محمد شاكر والتى كانت تدور حول شخصية المتنبى فشاكر أصدر كتابا ضخما عن المتنبى وفى العام الذى يليه أصدر الدكتور طه كتابا عن “مع المتنبى” فثار وغضب الشيخ محمود محمد شاكر و اتهم الدكتور طه حسين بأنه سطا على كتابه. نتيجة تلك المعركة كتب محمود شاكر مقالا يرد فيه على الدكتور عبد العزيز الدسوقى الذى وقف فى صف الدكتور طه حسين وكان عنوان المقال هو ” المتنبى ليتنى ما عرفته ” وتلك المعركة تريد لذاتها مقال بذاته لكى تأخذ حقها فى الشرح والتحليل.

وأيضا لدينا معركة كبيرة ومخيفة وهى اتهامه بأن صهيونى ،ويعمل معها وكانت تلك المعركة عندما تولى تحرير مجلة ” الكاتب المصرى “والتى صدرت عام ١٩٤٥ و كانت تصدرها عائلة “” هرارى اليهودية ” واتهم بسبب ذلك وهذا إتهام يكفى لنسف واغتيال اى شخصية حتى لو كان فى مكانة الدكتور طه حسين، وهى تهمة ليس لها أى دليل سوى ان ممول المجلة يهودى ، وباعتبار أن اى يهودى لبد أن يكون صهيونيا وهذا شئ مخالف للحقيقة . فاليهودى شئ والصهيونى شيئا أخر ، وتلك حقيقة تعد من البديهيات ولا تحتاج إلى توضيح ، لكن لغرض مريض قيل هذا الاتهام ، وأصحاب هذا الغرض دائما يبحثون عن أشياء تخدم على مصالحهم .

فهم كانوا يقولون أن طه حسين كان يريد هدم الثقافة العربية ، ولأنه متزوج من مسحية فرنسية فهو لدية نزوع قوى نحو ذلك.

وأبدا لا يجب أن ننسى كتاب طه حسين الجريمة والإدانه لجابر رزق  وأيضا كتاب طه حسين حياته وفكره فى (ميدان الاسلام ) رغم أن المجلة كرست لثقافة وابداع طليعيين ودشنت كتابا أصبحوا كبارا فيما بعد ” مثل سيد قطب ومحمد سعيد العريان وسهير القلماوى و لويس عوض وعبد القادر القط وسلامه موسى وعبدالله عنان وغيرهم الكثير.

وكان يكتب لها أيضا الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر والروائى اندريه جيد، ولكن فلسفة الإتهام كانت ومازالت موضه متأصل فينا، فنحن نطبق شعار ” إن لم تكن معى فأنت ضدى وهذا الشعار مطبق فى المنصورة ” وهذا شعار مخيف وقاتل معنويا على الأقل، والأقل هذا هو تحطيم الآخر عبر الإتهام بأنه ضدد الدين ويهاجمه، مع أنه عمله قائم على طرح الاسئله ثم البحث لها عن إجابات كما الأنبياء والكبار فى التاريخ كما فعل اسحاق نيوتن عندما تسائل عن السبب الذى جعل التفاحه تسقط إلى أسفل ولا تصعد إلى أعلى.

ومن هنا توصل ووضع أهم قانون عرفته البشرية وهو المعروف بأسم “قانون الحركة” الذى تقوم علية الحضارة الآن إذن الشك والتساؤل هو الباب الملكى للتقدم والازدهار ، وإن كان الأمر هكذا فنحن لن يكون لنا نصيب من التقدم الحضارى قط لأنه لا توجد لدينا تساؤلات من اى نوع وإن وجدت فتوجد الإجابات الجاهزة، واى شئ جاهز هو ضار وغير مفيد كما الأكل الجاهز ؟!

صلاح هلال يكتب “سرقني القطار” ( قصة قصيرة )

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى