الكاتب صلاح هلال
مساءً أوصباحًا القطارُ لايرحم أُذني… تهتزّ.. تتراقص معه البنايةُ الخرسانية … أحيانًا يتداخلُ الغبارُ من فتحاتِ الشبابيك تهاجمنا، أتذكر بيتنا الطيني في نفس المكان ، ونحن نلتف حول الطبلية في الغداء مع صراخ البوق المستمر مع صرير عجلاته، تهتز الجدارن المشروخة ، يتساقط التراب من سقفه المعروش بالبوص تتسارع قطعٌ صغيرة من الطوب فوق الأكل، وجه أمي يتغير ، تنظر للسقف العلوي… الشباك الحديدي يحاصرنا وهو يرمي بغباره علينا ، تمسح الأرغفة الساخنه من التراب وهي قلقة .. تخشي بسقوط البيت وهي تحاورني ..
يارب أنت الستار، خذ أخوتك والعب أمام الدار بعيد عن القطار…
” آخر رمية نَرد”.. قصة قصيرة للكاتب فكري عمر
أجلس تحت شجرةِ التوت القابعة علي جسرِ الترعة ومعي طَمْي أخذته من جسرها أصنع منه قطار ،
وأحضر عيدان القطن الجافة وأصنع منه القضبان وأمسك دبور، وأضعه فيه ليعمل صوت مثل صرير القطار
أخواتي ينظرون يتابعون … وهو يتعافر يمينا وشمالا..يفرحون، يتخيَّلون وهم يرَوْنَ الناس يركبون قطارهم
مثله مثل أشباح المهاجرين من الناس يركبون ينزلون. في أي مكان لا يعرفونه…
أسمع صوت أختي :
-خلي القطر علي القضبان يمشي ولايقتل أحد أو يهدم داراً … حرام عليك ..
لاتخافي أقوده بعصاي… أحركه بأشارة من صبابة يدي… تواصل :
– لاتجعله سريعا ،
يرمي غباراً علي البيوت ..
يا أخي أنتبه … تحكَّم قي القيادة… العرباتُ تترك القضبان …. والناس تهرول..
يعلو صراخ أختُه مع البشر…
بيوتنا تقع… ونعيش فين ..
أضحك وأضحك إنها لعبة…. ياغبية…
يأتينا صفيرُ القطار محذراً تعقُبه رياحٌ عفيَّة …
أجدُ أمي تهرولُ إلينا ، تضمنا في حضنها..
تصرخ :-
– أتركوا المكان.. البيت ..مُردّدة : أتركوا…
القطار لايرحم … قادم …قادم .. تأتينا مهرولة،
أخاف عليكم منه أن يخرجَ من القضبان، كما هدم بيوتَكم من قبل بعد نفيرِ القطار المزعج وهو يدُكُّ بعجلاته القضيب، تراقص معه جدران البيوت الخرسانية المشروخة يعلو صوت أمِّهم، تطير أرغفةُ العيش الساخن من أحضانها تتلوّن في الهواء بلونٍ مع وجهها لاتخافوا.
قراءة في رواية مضاجعة الموت للكاتبة فاطمة خضور
صلاح هلال ميت غمر