الدولار المصري ورعونة الذهب وتجار الشوارع الخلفية ” تحليل اقتصادي” للكاتب أسامة مهران

لم يعد لدينا تجارا للعملة، لكن لدينا تجارا للذهب، لم يعد لدينا شركات صرافة، لكن لدينا مصارف تقوم بكل أدوارها ، ولم يعد لدينا جنيها مصريًا إنما يوجد لدينا دولارًا مصريًا، العالم المقلوب تجده محتشدًا في أسواقنا، والهرم المائل قد تم نقله من روما حيث برج بيزا إلى القاهرة حيث برج الجزيرة الله الله على سحرها .

الأخماس والأساس لم تفارق مخيلتنا منذ زارت السيدة كريستا لينا مديرة صندوق النقد الدولي والوفد المرافق لها القاهرة، اجتماعاتها كانت بوجهين تماما مثل وجهي العملة، ووعودها برأس أسد وجناح بعوضة لكي لا يروى يومًا عنا أنا بلد بالحب وحده نحيا، وبالوعود البراقة يشد الرحال إلينا، وبالصمت الرهيب نستمع إلي عبد الحليم ونبكي بحرقة علي حظ كامل الشناوي التعس كاتب هذه الكلمات لانه مات قهرًا على نجاة الصغيرة التي وضعته في صندوق الوعود وهي في نفس الوقت بين الجنة والنار تعلم الأديب الكبير كيف يحب قبل أن تعلمه كيف يختار ؟. السيدة كريستالينا لم تقلها صراحة أن سعر صرف الدولار غير واقعي ولا حتى أسعار الطاقة بأنها مضروبة على قلبها بالدعم المخفي.

لم تقل السيدة كريستالينا شيئًا عن سعر صرف الجنيه المصري الذي يجب تعويمه لكنها تحدثت عن ضرورة تعويمه، لم تحمل سيادتها رسالة من تحت الماء إليه لكي تنقذه من الغرق لأنه يجهل فن العوم، ولم تأت إليه بشمة من رائحة الدولار الأخضر أو بحزمة قوامها مليار و٣٠٠ مليون دولار تنتظرها الموازنة العامة المصرية لسد العجز المزمن، وتخليق موارد سيادية جديدة تتيح للاقتصاد مرونة في الحركة وليس مرونة في سعر صرف العملة.

دولار الذهب بعد تصريحات سيدة النقد الدولي الأولى بدأ زحفه المقدس نحو ستين جنيها للدولار الواحد، هو ما دفع تجار العملة إلى التحرك باتجاه ٥٥ جنيها للدولار بدلًا من ٤٨ ، أو ٤٩ جنيها لذات الدولار، الفكرة ليست كراسي موسيقية أو سلم وثعبان أو دومينو، الفكرة أن الصندوق مش عارف يدينا قرض علي أي أساس، علي أي سعر.

إذا كانت الحكومة تكذب وأعياد بالله ووزارة المالية تخفي السبب لا قدر الله، وفريق المفاوضين الأشاوس يلفون ويدورون حول سيدة النقد الدولي باطلاقهم نكات سخيفة لم يضحك عليها سواهم، سواء كان الأمر كذلك أو دون ذلك بقليل، يظل السؤال علي أي سعر صرف سوف نقترض من الصندوق، وعلي أي مستوي من أسعار المحروقات سوف نطلب اصلاحا محدودًا حتى لا يؤثر علي المزيد من الطبقات الكادحة وتلك التي بدأت تكدح بفعل اشتعال التضخم وانخفاض قيمة الجنيه المصري ؟ ، على أي قاعدة ياترى يمكن أن نختصر الوقت حتى نحصل على القرض المعجزة، وعلى روشتة الاصلاح الجهنمية، وعلى العلاج الناجع الناجز من قبل أن تقع الفأس في الرأس ونجد أنفسنا أمام جنيه سوداني في مواجهة الدولار المصري، وليس الجنيه المصري في مواجهة الدولار الأمريكي ؟!

اقرأ ايضا:

عندما أصبحتُ وحيدًا!.. قصيدة جديدة للشاعر أسامة مهران

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى