أسامة مهران يكتب: الجنيه المصري يذوق الأمرين ويفشل في التعافي
“تحليل اقتصادي” بقلم أسامة مهران
بعثة صندوق النقد الدولي غادرت القاهرة وسط تأكيدات بالمرونة، ووعود بمسك العصا من المنتصف، هو ما طالبت به الحكومة المصرية السيدة كريستالينا وفرقتها ” الماسية “، وهو ما أكدت عليه تصريحات السيد حسب الله بعضشي وهو يدلي بتصريحات مضحكة حول ضرورة تخفيف المعاناة على الناس بعد أن طفح بهم الكيل، وبعد أن خرجوا من هدومهم وباعوا المتبقي، واستقروا في قاع المجتمع، من أجل دفع ضريبة الاصلاح الاقتصادي التي يتحملها الفقير ويعيش عليها الثري، يسألني سائل وما علاقة ذلك بالدولار والجنيه؟ بالجنيه وسائر العملات الأخرى؟
الناس تسأل وعندها حق، وأنا احاول وعندي كل الحق، الدولار الأمريكي أو المصرى أي الذي يحمل سعر صرف ذهبي في القاهرة منذ التعويم الأول بعد الثورة الميمونة، وبعد اختفاء سيدنا الدولار بقدرة قادر من المصرف المركزي، ونفاد احتياطياته من خزينة الدولة، منذ ذلك التعويم والجنيه يحاول جاهدًا أن يصمد في وجه الموج العالي والتيارات العاتية والرياح المعاكسة، الجنيه يحاول أن يتشبث بأي طوق نجاة، وأي شاطئ قريب، لكنها يغطس عند حدود الـ٥٠ جنيها مع التعويم الأخير.
أما الآن، وأما الوضع الحالي للعلاقة الكاثوليكية بين الدولار والجنيه، أو بين العملة الصعبة وعملتنا التي في منتهى السهولة، بين الوافد القوي، والمحلي المسكين، هو بعينه ارتهان الاقتصاد الوطني للخارج، هي ديون مصر المتراكمة، وهي قناة السويس التي فقدت 6 مليارات من عائداتها بسبب الحرب عند باب المندب وليس بسبب سلام القراصنة عند نفس الباب.
الدولار الأمريكي على وشك مواصلة زحفه المقدس عند حدود الـ ٦٠ جنيها للدولار الواحد وفقا لاتفاق ” جنتلمان ” بين الحكومة المصرية والسيدة الرقيقة كريستالينا بطلة كل الألعاب في صندوق النقد الدولي، الأسواق السوداء تعيش حالة تأهب استعدادًا لاستقبال الأسعار الجديدة من دون أن تجرؤ على فرض أي سعر، بعد القبضة الأمنية الغليظة التي راح ضحيتها عدد من ملوك السوق، ومن تجار الذهب والعملة .
” عيناك في عينيه ” هو شعار المرحلة لمن يظهر كذبًا مفضوحًا ، أو صدقًا في التصريحات أو التحليلات المنتظرة.
عيناك في عين الدولار يا مصر، ويداك ضارعتان ترتعشان من وهج عليه ” لا السلطات يمكنها مقاطعته، ولا حتى الشعب تجارًا ومستهلكين، عمالًا وفلاحين، يمكنهم الاستغناء عن الدولار الذي أصبح مسيطرًا على ٨٠ بالمائة من التجارة العالمية، طيب والحل ؟
يقول أحد الخبراء بالاعتماد على النفس، بالتنمية المستقلة، بالضمير الحي وليس بالاستقطاعات من اللحم الحي، يقول الخبير : مزيد من الثقة وليس من الرياء بالمنتج الوطني، بالصناعة والزراعة والسياحة المحلية، بدلًا من السفر للخارج وشراء كل ما هو أجنبي، والاعتماد على كل ما هو مستورد، ثم يعود الخبير، ويقول: اعتماد أقل على الخارج، وثقة أكثر في النفس يعني دولار أرخص وجنيه في وضع أفضل، ويؤكد ذلك الخبير أنه لايحك جلدك مثل ظفرك، وانت لا صندوق كريستالينا الدولي، ولا اأكارنا الجهنمية يمكنها السيطرة على الدولار، لقد بلغ السيل الزبي، والعين بالعين لأن البادئ دائما أظلم، ولأننا لابد وأن نجد طريقة لعلاج مديونياتنا الصعبة وليست بتخفيف الأحمال فقط عن عملتنا السهلة.
اقرأ ايضا:
الدولار المصري ورعونة الذهب وتجار الشوارع الخلفية ” تحليل اقتصادي” للكاتب أسامة مهران