أسامة مهران يكتب: حسن فتح الباب .. ميلاد له تاريخ
حسن فتح الباب.. تعرفت عليه في سبعينيات القرن الماضي من مجلة الكاتب المصرية، كان دائم التواصل مع رئيس تحريرها الراحل الكبير صلاح عبدالصبور، ومن محاسن الصدف أن المجلة كانت قد نشرت لي قصيدو بعنوان: احتمال، وهو العدد ذاته الذي كان قد نشر فيه الشاعر حسن فتح الباب رحمة الله عليه قصيدة أخرى، والشهادة لله لم أعد أذكرها.
في جميع الأحوال كان الشاعر المتميز والراحل عن عالمنا عام 2015، وهو في عمر الاثنين والتسعين عامًا، محدثًا بما فيه الكفاية، تقليديته كانت في حرصه ألا يخرج عن تفعيلة الخليل، لكنه كان يتقنها، وكان يرفض قصيدة “الموسيقى الداخلية” التي تحولت فيما بعد إلى ما يشبه النثر تحت مسمى “قصيدة النثر”، رغم إيمانه بها بعد ذلك.
حسن فتح الباب
حسن فتح الباب تحتفي مصر بعيد ميلاده هذه الأيام، ترى فيه أنه كان شاعرًا متميزًا، ونحن كذلك، ليست مشكلته انه برز ونشر وانتشر، ومعه شعراء أفذاذًا هم محمد عفيفي مطر، وأمل دنقل، ومحمد إبراهيم أبوسنة، ليست مشكلته أنه كان معاصرًا للرواد صلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطي حجازي، ومحمد الجيار، وليست مشكلته أن النقاد لم يتناولوه بالإطراء أو التحليل، أو حتى بالانتقاد، فعاش في الظل تمامًا مثلما مات بهدوء.
أسامة مهران يكتب: الذهب والمكتنزون ولعبة الأسواق
حسن فتح الباب لديه من الدواوين أكثر من 21 ديوانًا، وأشهرهم فارس الأمل عام 1965، ومدينة الخان والدمى عام 1967، ورؤيا إلى فلسطين عام 1980، ومعزوفات الحارس السجين عام 1980، ثم وجوه في الميدان عام 2012 وهو ديوان يحاكي أحداث ثورة 25 يناير المصرية.
أبرز قصائده تلك التي كانت تعكس قضايا الحرية والهوية الوطنية مثل:
1- رؤيا إلى فلسطين، التي عبرت عن ارتباطه بالقضية الفلسطينية.
2- حبنا أقوى من الموت، التي تناولت قضايا الحب والحياة بتفاؤل عميق.
3- معزوفات الحارس السجين، التي تناولت معاناة الإنسان وصراعه مع القيود.
حسن فتح الباب الذي ولد في العام 1923، ووافته المنية عام 2015، هو أحد رواد الشعر الحديث في مصر والعالم العربي، بدأ مسيرته الشعرية في خمسينيات القرن الماضي مرتبطًا بشعر التفعيلة وقصيدة النثر، وقد كان الراحل الجميل من أهم المدافعين عن حرية التعبير الشعري، حيث تميز بالتركيز على القضايا الوطنية المرحلية، وتلك المرتبطة بالإنسان، بالإضافة طبعًا إلى حسه الثوري والفني العميق.
لقد أصدر أكثر من 21 ديوانًا للشعر، وكان غزير الكتابة، بالإضافة طبعًا إلى العديد من المؤلفات النقدية والأدبية المتنوعة، مما أدى إلى حصوله على جائزة الدولة التقديرية في الآداب ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.
لقد ترك الشاعر حسن فتح الباب أثرًا بارزًا في الشعر العربي عن طريق تطويره قصيدة التفعيلة والدفاع عنها كجزء من تطور الأدب الحديث.
المعروف عن الراحل الكبير أنه كان قد تخرج من كلية الحقوق – جامعة فؤاد الأول “القاهرة حاليًا” عام 1945، وعمل في مجال القانون، لكنه كرس حياته بعد ذلك للشعر والأدب، حتى فارق دنيانا الصعبة في عام 2015، وسط مؤلفاته وقراءاته، وصداقاته التي ارتبطت به وارتبط بها فأصبح جزءًا منها، وأصبحوا جزءًا منه.
وها نحن اليوم نحتفي غيابيًا بعيد ميلاده الـ 101 وسط موجة من التشتت التدويني لأهم شعرائنا، والتمرد على ما فات لخير موروثاتنا، والتمادي في التجاهل للأبدع في حياتنا.
رحم الله حسن فتح الباب، وأسكنه فسيح جناته، ولن أكون مبالغًا إذ قلت: أهكذا عندما يواري الإنسان الثرى، قد لا نتذكره ولا نحاول أن نبحث عنه بين قصاصات أوراقنا، أو مكتبات روادنا، أو مؤلفات ذوينا، وكل عام وذاكرة الشعر العربي بألف خير.
اقرأ ايضا:
أسامة مهران يكتب: الجنيه المصري يذوق الأمرين ويفشل في التعافي