الفنان محمد صبحي وزوجته كل يوم في مبارزة تنتهي بالحب لا بالتحدي
نشرت مجلة الكواكب موضوعا عن الفنان محمد صبحي وزوجته، تتحدث فيه عن المبارزة بينه وبين زوجته التي كانا يقومان بها يوميا، وجاء هذا الموضوع تحت عنوان “مبارزة كل يوم بين محمد صبحي وزوجته”، وكان نصه كالتالي:
فى الزمان القديم، أو ما يسمى بلغة التاريخ: العصور الوسطى، كان الكونت دى مونت كريسنو، أو أى (الكونت) آخر يحمل اسما و لقبا، يقترب من زميله (الكونت) الآخر.
نفترض على سبيل المثال أنه الكونت دى مالون، ويقول أنه بكل أنفة واعتزاز: ـ أسمع ياسيدي الكونت، لقد نظرت اليوم إلى زوجتي نظرة لم تعجبني، وهذه إهانة لا تغتفر، ولا بمحوها إلا الدم فلتتفضل غدا صباحا باستخصار شهودك الى غابة قصر (فرماى) وأخطر السلاح الذى تريد.
أو يحدث كما يروى التاريخ أيضا أن يمر أحد النبلاء فى حفل عام، إلى جانب نبيل أخر، وبدون انتباه يدوس على طرف عباءته المزركشة، فينتفض الآخر، ويصرخ: ـ أنت قصدت أن تهينني، و سأمحو تلك الإهانة بحد سيفى، فلتتفضل مع شهودك، لكي نقرر غسيل الإهانة بالدم، فى صباح الغد، فى غابة (التويترى).
ويحضر كل منها مع شاهده، وتبدأ المبارزة، التى قد تنتهي بموت أحدها وإن كانت فى الغالب تنتهى بجرح ما، يسيل منه الدم الذى يمسح الإهانة، أو الذى قد يزيدها، هذا اللهم إلا إذا أصيب المتحدى نفسه.
وما كان يحدث فى القرون الوسطى يحدث الآن مع بعض الفارق.
إن الكونت دى مونت صبحى، ينحنى أمام زوجته يوميا، فى فترة معينة، ثم يرفع قامته وينتصب، ويقول لزوجته النابه نيفين رامز: بعد نصف ساعة، عليك أن تقلدى سيفك، لنبدأ المبارزة.
و نيفين التى اختارها الكونت دى مونت صبحى، أو الكوميدى محمد صبحى، أو الممثل محمد صبحى كما يحب أن يطلق على نفسه، هى ليست فقط زوجته، بل هى أيضا نجمة فرقته، أى أنه اختارها لكي تكون نجمة فرقته.
وبذلك يبقى زينه فى دقيقة، كما يقول المثل، وهى على وفاق تام معه، لم يدث أبدا أن فعلت ما يستوجب المبارزة ، بل وهى تتحاشى دائما أن تدوس حتى على طرف بنطلونه ولكن ما يستوجب التقارع فى السيوف والمبارزة لمدة ساعة يوميا، هو العمل المسرحى، فالمسرحية الجديدة التى سثتركان فى تمثيلها أو بطولتها لاول مرة ، هى مسرحية (هملت) لشكسبير وصحيح أنها ستقدم فى معالجة جديدة تحمل طايع العصر، ولكن الصيحيح أيضا هو أنها تحوي مشاهد المبارزة بالسيوف، وهى شئ جديد على الممثل الكوميدى، وعلى زوجته، ولابد من الإعداد له بمبارزة يومية، بحيث نظهر المبارزة المسرحية أقرب إلى الحقيقة، وعندما تعرض على المسرح
و نيفين، زوجة محمد صبحى، و شريكته فى بطولة (هملت) و غريمته فى المبارزة كانت راقصة فى فرقة رضا، بل وأصبحت من نجومها، وكانت ذات يوم البديلة لفريدة فهمى فى استعراض (على بابا والأربعين حرامى) وكان الرقص هو كل هوايتها ولكنها كانت دائما تأمل أن تستطيع الجمع بين الرقص والتمثيل، وخطت الخطوة الأولى حينما دخلت كطالبة إلى معهد التمثيل، وفى المعهد أحبت الطالبة أستاذها.
وكان هذا الأستاذ هو محمد صبحى نفسه ولم يطل الأمر بعد ذلك، فقد كانت نظرة، فابتسامة فاختصار الطريق، والذهاب إلى اقترب مانون، حيث تزوجا، وعاشا فى تبات ونبات، و خلفا ولدا جميلا أسمياه: كريم.
وكان للزواج أكثر من فائدة فى حياة محمد صبحى، فقد عرف فيه بالفعل طعم الهناء والاستقرار، والسعادة، كما عرف فيه فيه طعم الأبوة، وعادة يدق محمد صبحى على الخشب حين يتحدث عن زواجه، ويدعو الله أن تستمر سعادته الزوجية، لأنه يعتقد أن سعادة الإنسان فى بيته، هى التى تؤدى إلى سعادته فى عمله، وهو يعزو نجاحاته المتوالية و المتكررة، إلى وجود هذه الزوجة الفنانة التى تفهم تماما طبيعة عمله طبيعة عملها، وهو يحرص تماما على مشاعرها، كما تحرص هى على مشاعره.
ولذلك فقد أستعادا من هذه العلاقة الزوجية، بشكل يتفق مع رغبتهما المشتركة فى أن يكونا ثنائيا مسرحيا ناجحا.
على أن هناك فائدة أخرى، يرى محمد صبحى أنه أسفادها فعلا من زواجه من نفين رامز.
تلك الفائدة، هى: الرشاقة التى بتمتع بها صبحى .. فهو يشارك زوجته فى التمرينات الرياضية اليومية والشاقة التى نجربها باستمرار، بل هو سعيد بهذه التمارين، رغم أنها شاقة، وليست مجرد حركات سويدية، أو من قبيل (فض العتب) ولا يشعر بأى تعب، فيما هو يقوم بها، ذلك لأن صبحى هو في الأصل رياضى، ويهوى الرياضات الحادة نسيبا.
فقد كان على سبيل المثال يلعب كحارس مرمى فى إحدى الفرق الرياضية، ثم كان وقبل أن يتزوج من نيفين، وقبل أن يخطر بباله أنه سيمثل دور البطولة فى مسرحية (هملت) يمارس رياضة السلاح، و (الشيش) بشكل خاص إلى جانب أنه يعتبر من أمهر من يركبون الخيل، ولذلك يبدو سعيداً لأنه يتابع الرياضة التى تتعب، والتى تجعله أبدا ممشوق الفوام، لين الجسم، يستطيع القيام بحركات صعبة، أو قد تبدو فى منتهى أصعوبة بالنسبة لغيره على المسرح.
وقد ظهر هذا بالفعل، عندما مثل دور (سطوحى) المتشرد فى مسرحية (انتهى الدرس يا غبى) ثم حينما مثل دور (على بيه مظهر) فى المسرحية تحمل نفس الاسم.
ونفين بالمناسبة، وربما كان هذا من فوائد الزواج أيضا، تدافع عن زوجها بحرارة، وترد عنه كل الاتهامات التى تتحدث عن غروره، وتقول: أنه ليس مغرورا أبدا، إنه فقط صريح، ولا يعرف النفاق، ثم هو دائما على فنه، بل يريد أن يحافظ دائما على مستواه، وتلك هى كل الحكاية.
ولأنه يريد أن يحافظ على مستواه، فهو ينحنى أمام زوجته كل يوم، ويقول بأسلوبه الميز: ـ سيدتى الكونيته نفين دى رامز لقد تجرأ فستاتك (الماكسي) ولمس حذائي اللماع الذى اشتريته أمس يشبك من دون رصيد، و يسرنى أن أدعوك إلى مبارزه بعد نصف ساعة من الآن لتقدم فيها لحذائي المهان من ستاتك المغرور.
وتبدأ المبارزة التى لا تنتهي بالدم، لأنها من أجل الفن، وتنتهى بالحب لا بالتحدي.