الشيخ أشرف محسن يكتب: مسؤولية المجتمع
المكونات التى تتكون منها الدول تبدأ من الأسرة، ذلك المكون الصغير، مرورا بالعائلة، ذلك مكون أكبر، ثم بالقبيله، وذلك أعظم، وهذه القبائل تتكون منها الدول والمجتمعات الكبرى.
ومن ناحية أخرى يتكون المجتمع من كتل سكانية صغيرة تظهر فى النجوع والعزب والكفور مرورا بالبلدان ثم المدن ثم المحافظات، فيتكون من ذلك المجتمع الكبير الذى تتكون منه الدول.
وعلى طول العهد ظل للمجتمع قيمته ومكانته فى أعين الناس، سواء فى حفظ تلك التقاليد التى تتوارثها الأجيال، التى تحفظ من خلالها ثقافة المجتمع ودينه ولغته وما نشأت عليه أفراد المجتمع، فهذه الوراثة تحفظ القرب بين مكونات المجتمع الواحد، سواء فى الزى، أو فى معرفة حق الكبير والصغير إلى غير ذلك من الأمور.
الحفاظ على قيمة دور المجتمع واجب اجتماعى الأصل أن ترعاه الدول وتؤكد عليه وتُعلى من قيمته، من خلال ما تمتلكه الدول من وسائل مختلفه من إعلام ودراما وكل ما من شأنه الوصول إلى الناس بأى صورة من الصور.
المجتمع ما يزال يحتفظ بدور كبير وفعال، رغم أنه نزع كثير من صلاحياته، من اول ظهور فكرة الدولة المركزية التى تختص بكل الصلاحيات، ومع ازدياد مشكلات مجتمعية كثيرة لا يمكن للدولة أن تتصدى لها بمفردها، وجب توسيع دور المجتمع الفعال.
فما تزال الجلسات العرفية تعمل عملها فى الإصلاح بين الناس ورد المظالم لأهلها الحقيقين فى الغالب، وعدم توسيع نطاق الخلاف بين المتخاصمين وفى أسرع وقت، وما يزال المجتمع قادر على الحفاظ على الأسر من التفكك والضياع فى ظل منظومة مجتمعية واعية، وكذلك دور المجتمع الذى لا ينكر فى معرفة الفقراء الحقيقيين ودعمهم ماديا ومعنويا، وما يزال دور المجتمع كبير فى المعرفة الدينية الصحيحة، وما تزال الثقة قوية فى دور المجتمع فى كفالة الأيتام والسعى فى مصالحهم.
الإسلام اعترف بدور المجتمع ونماه وسعى فى تصحيح بعض الأخطاء المتوارثة، لكنه لم يهدم دوره، ولم يستصغر ذلك الدور الفعال، حتى فى الحروب التى قادها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته سعى إلى تمايز الصفوف من خلال ربط كل قبيلة بعضها مع بعض وتعيين قائدا منهم لا من غيرهم، وفى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفى الحسبة، والأوقاف الإسلامية هى فى أصلها دور مجتمعى سعى فيه أفراد من المجتمع لفعل أمر إيجابي حتى بعد ماتهم.
وظل المجتمع الإسلامى فيه تمييز بين الصحابة، فهؤلاء مهاجرين وهؤلاء أنصار، رغم ما كان بينهم من أخوة وتلك اللحمة الواحدة التى لم تعهدها أمة من الأمم فى أى زمان أو أى مكان آخر.
لابد من رجوع قيمة المجتمع، ولابد أن تتخلى الدول عن لعب كل الدور فى حياة الناس، حتى تقل الأنا فى حياة الناس، ويتوقف العقل الجمعى عن قول نفسى نفسى، فنفس المسلم أى مسلم كنفس الفرد الواحد ، هذا هو الأصل.