هبة عبد الوهاب تكتب: المسابقات الأدبية وفساد اللجان

ولأن الجوائز الأدبية تمثل وسيلة لتكريم الإبداع وإبراز المواهب الأدبية في الشعر وسواه من الفنون الأدبية، إلا أن الحديث عن الفساد في لجان التحكيم بات شائعًا في الأوساط الأدبية والفنية. وكأن الفساد حق له أن يلاحق كل جميل حتى يتدنّىٰ.
في هذا السياق بكل أسف نجد أن تلاعب لبعض أعضاء لجان التحكيم في نتائج المسابقات بناءً على معايير غير نزيهة، مثل المحاباة، العلاقات الشخصية، أو الضغوط السياسية والمالية. أمرا يترتب عليه أن تُمنح الجوائز لمن هم أقل استحقاقاً على حساب المبدعين الحقيقيين، مما يخلق حالة من الإحباط والريبة في نفوس الشعراء والجمهور المتابع.
أحيانا ترجع أسباب الفساد في لجان تحكيم بعض جوائز الإبداع إلى:-
العلاقات الشخصية المتنوعة، وهنا نجد لجان التحكيم مكونة من نقاد وأدباء يعرفون بعضهم البعض جيدًا، مما يجعل احتمال تأثير العلاقات الشخصية على القرارات أمرًا واردا. كما أن هناك أسبابًا سياسية؛ ففي بعض الأحيان، قد تتعرض لجان التحكيم لضغوط من جهات سياسية لتفضيل أعمال أدبية تتماشىٰ مع الأيديولوجيا الرسمية كأن يتم تكريم شعراء مدعومين من السلطات.
ولو دققنا قليلا ربما نجد المصالح التجارية لها دورًا مؤثرًا، كأن يكون للناشرين أو المؤسسات الأدبية مصالح تجارية في الفوز بجائزة معينة، وبالتالي يُمارس ضغط ما على لجان التحكيم لترجيح كفة عن أخرىٰ…!
ومن المؤسف جدا أن يكون الفساد المالي هو صاحب السطوة حتى في الجوانب الإبداعية والأدبية، كأن يُستخدم المال وسيلة لشراء ولاء أو أصوات، أو حتى يتم التعاقد على تصويت أحد أعضاء لجنة التحكيم..!
مهما كانت الأسباب فإن الفساد في لجان التحكيم يُضعف من قيمة الجوائز الأدبية ويضر بمصداقيتها. فالجوائز التي يُفترض أن تكون معيارًا للجودة والإبداع تُصبح محل شكّ، مما يؤدي إلى نتائج مخزية، كإحباط المبدعين، بعدما تُمنح الجوائز بشكل غير مستحق. هذا قد يُثني البعض عن المشاركة في المسابقات، وبالتالي يضيع على المجتمع الأدبي مواهب حقيقية. كما يفقد الجمهور ثقته ويصبح أكثر تشككًا في قيمة الجوائز عندما تتكرر حالات الفساد، مما يجعلهم ينظرون إلى الجوائز بريبة، وقد يتوقفون عن متابعة الأحداث الأدبية الكبرى.
علاوة على أنه يتم تشويه سمعة الجائزة التى عرفت بفساد لجانها، فتطغى السمعة السلبية التي تحيط بالجائزة وتفقد مصدقيتها، وتجعلها أقل جاذبية للمبدعين والجمهور على حد سواء.
ولأن لكل مشكلة حلّ -إذا أردنا- فإنه علينا إيجاد حلول للحد من الفساد في لجان التحكيم
ويمكن اتخاذ عدة خطوات لضمان نزاهة لجان تحكيم جوائز الشعر، ومنها:
1. الشفافية في التقييم: يجب أن تكون عملية التحكيم واضحة وشفافة، وقائمة على معايير واضحة، بحيث يتم الإعلان عن معايير التحكيم بشكل علني ويتم إيضاح أسباب منح الجوائز لكل فائز.
2. تشكيل لجان متنوعة، ويُفضل أن تتكون لجان التحكيم من شخصيات أدبية متنوعة ومختلفة التوجهات لضمان عدم سيطرة تيار أو مجموعة معينة على القرار.
3. التدوير المستمر لأعضاء التحكيم، حيث أن تغيير أعضاء لجان التحكيم بشكل دوري قد يساعد في تقليل التأثيرات الشخصية أو الفساد المستمر.
4. استقلالية الجائزة، لهذا ننادي أن تكون الجوائز مستقلة ماليًا وإداريًا عن الجهات التي قد تمارس الضغوط، سواء كانت تجارية أو سياسية.
وقد جاءت جوائز الشعر وسيلة مهمة لتقدير المواهب الأدبية وتكريمها، لكن الفساد في لجان التحكيم يمكن أن يُضعف من دورها، ويجعلها مجرد أدوات للمصالح الشخصية أو المؤسسية. لتحقيق نزاهة هذه الجوائز، يجب التركيز على الشفافية والعدالة، والتأكد من أن الجوائز تذهب لمن يستحقها حقاً، بعيداً عن أي ضغوط أو تدخلات.