دكتورة عزيزة الصيفي تكتب: مصر حاضنة لكل مهاجر

لم تشهد مصر على مر العصر اى موقف سلبى تجاه من يلجأ اليها  خوفا من الموت أو الاضطهاد باحثا عن الأمان ،، فدائما كانت مصر حاضنة لكل وافد من الدول العربية أو الغربية ،لفظتهم بلادهم و لم تلفظهم مصر ولم تتعالى عليهم ولم تجعلهم افرادا من الدرجة الثانية ، كما يحدث فى دول اخرى ، لم تقم لهم المعسكرات ولم تحدد مجالات عملهم ، بل على العكس تماما،  جعلت كل مهاجر وافد ينعم بنفس الحقوق التى ينعم بها المصرى فى السكن والتعليم والعمل ، جعلتهم يندمجون فى المجتمع ولا يشعرون بالغربة، يتحركون بيننا امنين مطمئنين على انفسهم واولادهم .

هل تعلم أن بمصر  ملايين المهاجرين من مختلف البلدان يعيشون جنبا الى جنب مع اخوانهم المصريين ؟

كان من الطبيعى ومصر تعانى من التضخم السكانى ان لا تسمح لهم بالاقامة على ارض تنوء باصحابها لكن على العكس تماما قدمت لهم الدعم وبثت فيهم روح الطمأنينة والاستقرار النفسى.
هذه حقيقة نلمسها فى المجتمع المصرى ونراها بأم اعيننا كل يوم ، نعتبرهم اخوة لنا ، يتعاملون معاملة المواطن لا فرق بيننا وبينهم ، وجدوا سعادتهم وامنهم فى ربوع ارض مصر ، وصدق نجيب محفوظ حين قال : “المهاجرون قوم وطنهم هو البلد الذى يوفر لهم السعادة ” وايضا وطنهم هو البلد الذى يوفر لهم الامن والامان ، والواقع يثبت ان العرب تربطهم اواصر اللغة والثقافة والتاريخ وكثير من العادات والتقاليد المتقاربة، لذلك يستشعر العربى غربة فى مصر، والمصرى دائما يرحب باخيه العربى ويقول له المقولة المشهورة (مرحبا بك انت فى بلدك الثانى ) ، ولهم الحق فى امتلاك أرض أو عقار ويعملون وينتجون ويرزقون وكلهم طمأنينة واريحية ان حقوقهم محفوظة ، حقيقة ربما لا يجدون هذه المعاملة الا فى مصر .
رواد الثقافة العصرية ودورهم فى تأكيد مبدأ المواطنة :
نعلم ان مصر قد حباها الله بنخبة من الادباء والشعراء والكتاب والنقاد اوقدوا شعلة الحضارة فى العصر الحديث اثروا الساحة الثقافية باعمالهم التى ساهمت فى احياء الروح الوطنية وشعور الفردفى المجتمع بضرورة التمسك بارضه ، والانتماء الى وطنه وترسيخ مبدأ المواطنة بين افراد الشعب على اختلاف مشاربهم ومعتقداتهم ، مما دعا كثير من الشعراء والكتاب يتغنون بحب الوطن وها هما الاخوان الرحبانى فى لبنان ينظمان هذه الابيات الرائعة التى تنم عن صدق العاطفة وشجو المحب لمصر ، العاشق لترابها ، و لتشدو  فيروز بصوتها الملائكى قائلة :
مصرعادت شمسك الذهب   تحمل الارض وتغترب
كتب   النيل  عل  شطه       قصصا بالحب تلتهب
لك ماض مصر ان تذكرين    يحمل الحق وينتسب
ولك  الحاضر  فى  عزه       قبب  تغوى  بها  قبب
جئت يا مصر وجاء معى    تعب  ان  الهوى  تعب
وسهاد   موجع     قلته      هاربا   منى   ولا  هرب
ثم يقول :
الحضارات ههنا مهدها          بعطاء  المجد  تصطخب
نقشت فى الصخراسفارها     فاذا من صخرك   الكتب

مصر يا  شعبا جديد  غد  صوب وجه الشمس يغترب إنها حقا مصر أرض العروبة التى لم تتخلى فى يوم عن دورها القيادى ، مصر التى بذلت النفيس من ابنائها واموالها من اجل القضية الفلسطينة ، هى مصر الشهامة والاباء ، ستظل عزيزة دائما بوحدتها الوطنية ، وتكاتف شعبها بجميع طوائفة ، للوقوف حائط صد ضد كل معتد اثيم.

إن مصر قد سطر ابناؤها فى حركات  نهضوية ثقافية متتابعة ، ما ساهم فى تطوير الذهنية المصرية بل والعربية ، هذه الحركات اثرت الحياة الثقافية وايقظت عقولا غفلت واصابها الوهن ،فقد استشعر الفرد بان له قدر قيمة بين شعوب الارض ، وجدوا ان لهم تاريخا مجيدا وقد حان وقت الاتصال  والتواصل  واستكمال مسيرة الفكر العربى التى انقطعت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى