الشيخ أشرف محسن يكتب: من ذا الذى ما ساء قط؟

خلق الإنسان وفيه من الأخلاق ما هو فيه مكتسب ومنها ما هو فيه فطرى لا عمل للإنسان فيه إنما هو من أصله الفطرى، والإنسان – السوى – على طول عمره يدور فى هذه الدنيا يبحث عن أفضل ما يكون فيه من الصفات ويتعلم بعضها وينافح نفسه فى بعضها الآخر، فينجح أحيانا، ويخفق أحيانا، وهو فى هذا كله يترقى فى سلوكه وأخلاقه وسجاياه.

وإذا كان من تلك الأخلاق الصالح وغير الصالح من الصفات والأخلاق، وإذا كانت نزعة النفس تميل فى اوقات كثيرة إلى الشرود، وفى أوقات أخرى – وبفعل أشياء كثيرة – إلى الرجوع وفعل ما يبغى فعله، وترك مالا يحسن بالنفس فعله، وهو فى هذا كله يجاهد نفسه على أن ترقى، وعلى أن تهذب صفاته وخلاله، إلا أنه ومع هذا فلابد فيه من هنات، ومن أخطاء، بعضها بسبب الهوى المركب فى النفس، وبعضها بسبب أن ذلك إنسان ينسى وتختلط عليه الأمور، وربما لا يستقيم تفكيره ولا قراره، لكن ذلك الإنسان الخطَّاء كثير السهو والنسيان يسعى إلى الكمال.

وإذا كان الإنسان – كل إنسان – غير معصوم فى فعله ولا فى رأيه، لأن ذلك من طبيعة الإنسان، فمن غير العدل والإنصاف أن تنتظر منه أو تتوقع منه مالا يمكنه أن يفعله لا هو ولا غيره، فإذا أردت أن تحاكم أحدا فانظر إلى جملة أفعاله، وهل يغلب عليها جانب الصواب أو الخطأ، فإذا غلب جانب الصواب حتى انك تستطيع أن تعد معايبه، فاقبل منه صوابه ودع عنك خطأه، ومدحه بجليل فعله، واقبل عذره فيما أخطأ فيه، وكما قيل كفى بالمرء حسنا أن تُعد معايبه.

وإذا كان ذلك كذلك، فإنه لا يقبل أن نأخذ من كل أحد كل شىء، لأنه طالما أنه غير معصوم فإنه ولابد يخطىء، وإذا أخطأ فلا نأخذ الخطأ عنه، بل نرد خطأه عليه، ونعذره فيه، وننبهه على أنه جانبه الصواب، كل ذلك بالحسنى والصبر، ثم نقبل منه ما أحسن فيه، ونشكره عليه وندعوا له.

وهذا يصح مع كل أحد، من العلماء والساسة والحكام، ومن عوام الناس وخواصهم، ومن الكبار والصغار، فالمسلم يقبل الحق من كل من تكلم به أو جاء به، وعليه أن يحذر زيغة الحكيم، لأنه إنسان فتغلب عليه طبيعته، فمن غير الطبيعى أن يصل بإنسان نفاقه أن يصفق دائما لأحد مهما كان فى كل ما يفعله، وأن يصوبه فى فعله كله لأنه لا يفعل إلا الصواب.

وهذا يصح فى الأفراد والمؤسسات، فلا توصف مؤسسة ما بأنها دائما على صواب وأن فعلها دائما حسنا، ونعم، فأن الخطأ فى الأفراد أكثر منه فى المؤسسات، لكن ومع هذا تخطىء المؤسسات، فلا يمكن أن يكون فعلها دائما حسنا، فعلينا أن تعلم هذه القاعدة ونعيها ونعمل بها مع كل أحد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى