“ميكي ماوس” وكراسي موسيقية في أسواق الذهب.. تقرير تحليلي للكاتب الصحافي أسامة مهران

المنامة – خاص

لم يتوقع أكثر المتعاملين في أسواق الذهب والمجوهرات، وفي محاجر زيمبابوي وجنوب أفريقيا، أن تصل أوقية الذهب إلى 2000 دولار وذلك في أعتى مراحل الرواج الاقتصادي مع مطلع الألفية، لكن قدر الله وما شاء فعل.
وصل هذا السعر حتى اليوم الأول من سبتمبر 2024 إلى 2517 دولار للأوقية، هو ما يدل على أن روتشيل وأوبنهايمر أكبر تجار وصناع للمشغولات الذهبية والمجوهرات في العالم قد حققا أرباحًا تريليونية حتى بعد وفاة مؤسس المجموعتين الاقتصاديتين اليهوديتين.

هذا الوضع يبرهن تاريخيًا على أن العلاقة الكاثوليكية الوطيدة بين النفط والذهب، قد أصبحت بما يسمى في علوم الفيزياء “التناضح العكسي”، بمعنى أن النفط الذي كانت تصعد أسعاره لترتفع في أعقاب ذلك أسعار إنتاج السلع والخدمات، وبالتالي أسعار الذهب باعتباره “معدن مأوى الأمان”، هو نفسه الذي ينخفض اليوم بينما تواصل أسعار الذهب صعودها الجنوني في واحدة من أغرب الظواهر الاقتصادية العالمية.

المحللون والخبراء يعلقون على هذه الحالة بالقول: أن النفط لم يعد يلعب الدور الفاصل في إشاعة الأمن والأمان بالأسواق، إذا ارتفع أصاب القلق العالم، وإذا انخفض ارتاحت الدنيا وهدأت الأسواق.

اليوم يتراجع النفط أو يستقر عند حدود الثمانينات من الدولارات للبرميل الواحد، في حين تصعد أسعار الذهب لتلامس سقف الـ2600 دولارًا للأونصة، هذا يؤكد أن العالم غير آمن بفعل عوامل أخرى، أهمها وأكثرها تأثيرًا وفاعلية الحروب، حرب أوكرانيا، حرب غزة والضفة وجنوب لبنان، الحرب الأهلية في السودان، كل ذلك ساهم إلى حد كبير في زيادة أسعار الذهب، بل أنه أدى إلى فك ذلك الارتباط الكاثوليكي مع النفط كونه لم يعد المؤثر الوحيد في منظومة صناعة الأمن والأمان في العالم.

أما تراجع أسعار الذهب في السوق المصرية بمعدل ثلاثة جنيهات للجرام الواحد إلى 3934,9 جنيهًا للجرام عيار 24 قيراطًا، وإلى 3443 جنيهًا للجرام عيار 21 قيراطًا، وإلى 2951,1 جنيهًا للجرام عيار 18 قيراطًا، فلا يتجاوز مجرد لعبة القط والفأر المكشوفة بين سعر صرف الدولار الأمريكي والجنيه المصري، وامتداد هذه اللعبة إلى السوق الموازية أو المسماة بالسوداء.

المتعاملون في قطاع شركات الصرافة المصرية مازالوا يضربون أخماسًا في أسداس، ومازال الركود مخيمًا على أحوالهم بعد التعويم الأخير للجنيه المصري، إبان صفقة “رأس الحكمة”، أما قياصرة السوق السوداء الذين تم اختطافهم “بدم بارد” في غفلة عين بعد “التعويم إياه” ، فقد هربوا إلى جحورهم منتظرين بياتًا شتويًا قارصًا يستطيعون أن يخرجوا فيه إلى الأسواق ليشعلوا أسعار الصرف من جديد، وذلك بعد أن تهدأ الحملات الأمنية المكثفة التي استهدفتهم في الآونة الأخيرة.

سوقي النفط والذهب عالميًا، وسوق سعر الصرف الرسمي والموازي مصريًا سوف يلعبان الدور الأكبر ويكونا لهما القاسم المشترك الأعظم في تسيير أمور سوق الذهب المحلية في مصر، أما أسواق الذهب العالمية فسوف تمتد لعبة الكراسي الموسيقية على طريقة “حبة فوق وحبة تحت” ربما إلى نهاية موسم الشتاء، أو إلى أن تضع أية حرب من الحروب العالمية الدائرة الآن أوزارها، أوكرانيا أو غزة وبقية الشرق الأوسط، أو السودان ومحاجره الذهبية المعطلة بفعل الحرب الأهلية، والحروب الجانبية الأخرى.