أستاذة في الحب..جانب من أسرار حياة فاتن حمامة

 

نشرت مجلة الكواكب جانب من مذكرات الفنانة فاتن حمامة بعنوان “أستاذة في الحب”، وهي كالتالي:

كنت فى الثالثة عشرة من عمري، وكنت قد انتهيت وشيكا من تمثيل فيلم (رصاصة فى القلب) حين التقطت أذناى لفظا علق بهما طويلا وكانت التى نطقت به زميلة اشتهرت بيننا بالبراعة فى تلخيص للأفلام، أما اللقط ذاته فكان الحب.

كانت الزميلة تسهب فى وصف مدى تضحية البطلة فى سبيل البطل.

وعندما قرات فى أعين بعض المستمعات اليها الدهشة قالت لهن ببساطة: (ماهو أصل الحب وحش) وبالرغم من أن الكلمة ذكرت مقرونة بوصف الوحاشة الا اننى تعلقت به واحببته أحببت الحب قبل أن أعرف ما هو الحب، أعجبنى اللفظ قبل أن أقف على مذلوله تماما كما تحب أنت أسما دون سائر الاسماء ومنذ التقطت أذاناى هذا اللفظ الموسيقى وانا حريصة على أن أشاهد كل فيلم فيه حب، وكان والدى يوافق على أصطحابى الى هذه الأفلام لأنه كان يرى فيها دوسا لى، ولا يرى ضرار فى أن أرى على الشاشة العاطفة السامية التى تربط بين قلوب البشر وبدأت أتحدث فى الحب.

وكانت أحاديثى ـ والحق يقال ـ فيها من السداجة أكثر مما فيها من الحب.

وقد حدث أن قامت مناقشة بين بعض الزميلات ممن يكبرننى شئيا حول شؤون الحب فاندفعت اندفاعا ورحت أبدى الرأى تلو الرأى وأقدم البرهان بعد الآخر.. وقد ضحكت زميلاتى طويلا لما قلته، فقد كان أغلبه كلاما مجرد كلام واستأت للموقف.

وحز فى نفسى أن تنجح زميلاتي دوني فى الحديث عن الحب، و شكوت الأمر إلى صديقة أشق فيها فأخرجت من حقيبتها ورقة وقلما وسطرت لى قائمة باسماء الرويات التى تدور حول الحب ومنذ ذلك اليوم وانا أقراء عن الحب، قرات كل رواية عاطفية ظهرت، قراتها قبل غيرى، ولم أكتف بهذا بل عكفت على دراسة أساطير الحب القديمة وقصص غزاة القلوب قرات (روميو وجولييت) أمئولة الحب العظيم خمس مرات.

وكانت إحدى دور الصحف قد ترجمتها فى كتب وزع مع مجلاتها فاستعرت الكتيب من احدى زميلاتى وأمضيت ثلاثة أيام كاملة مع قصة الحب الوفى .. والحبيبة المثالية وقرأت دروسا فى الحب أملاها سقراط على شاب تقدم إليه يشكو بغضه لزوجته، وقرات قصة الرسام الايطالى الذى أحب أمراة متزوجة فعاش عمره يتعبد فى محرابها..فلما ماتت بعث صورتها فى كل لوحاته و قرات ما كتبه يوسف السباعى عن الحب قراته كله.

فى خلال عام واحد انتهيت من عشرات القصص والكتب حتى نضجت فى ذهنى صوره المختلفة وحتى عرفت الكثير من أمره وبدأت أتحدث عن الحب حديث الخبيرة عن تلك العاطفة النبيلة.. وبشعر هوجو الذى يسهب فى وصف الحب، وبالاشعار الرقيقة التى تظلمها الشعراء العرب فى الغزل وكانت زميلاتي وصديقاتي يجلسن حولى يستمعن إلى محاضراتي فى الحب.

وكنت أقرا فى عيونهن الاعجاب بما أقول والايمان به .. ولم ألبث أن أصبحت أستاذه الحب بيتهن .. وكانت كل منهن تلجا لى لاحل لها مشاكلها العاطفية وأذكر من بين المشاكل التى أفتيت فيها مشكلة فتاة كانت تكبرنا بأعوام ثلاثة.

وبالرغم من انها لم تكن بين تلميذات مدرستي إلا انها لجأت إلي لما بلغها من ذيوع صيتي فى عالم النصح والارشاد قالت لي الصديقة أن مشكلتها تتلخص فى حبها لشاب وسيم كل همه الايقاع بأكبر عدد كم الفتيات، ثم المباهاة بالأسماء وبعدد الضحايا.

ونصحت صديقتي بأن تكتم عواطفها وأن تتجاهل هذا المغرور لأن غرورة يعميه عن الكثير من حقائق الحياة ولذا لن يكون حبه لها صادقا فى يوم من الأيام وبعد أسبوع واحد عادت الزميلة لتشكرني فقد عملت بنصيحتي، وأحس الفتى أنها لا تأبه بجماله ولا بسحره فجن جنونه ، وكعادة الرجل فى مثل هذه الحالة لم يجد امامة طريقا لامتلاكها سوى الطريق الطبيعى.

تقدم إلى أبيها يطلب يدها و يسعدني أن أقول أن الزواج بينهما تم بعد تخرج الشاب من كليته ، وانهما الى اليوم يكونان اسرة سعيدة تربطنى بها صلة الصداقة القوية وكان همي الأكبر بعد قراءة قصص الحب هو أخفاءها حتى لا تقع عليها عينا أبى أو امى.

فقد كانت أسرتى ـ كأى أسرة مصرية تعيش فى رحاب التقاليد المتوازنة لا تنظر الى مثل هذه الكتب بعين الرضا .. وكانت حقيقة الكتب المدرسية وإدراج مكتبي المغلقة هى المخبأ الأمين.

 

 

اقرأ أيضاً..ليلى مراد تكتب: روح النشادر تعمل إيه؟

مغامرات في حياة الفنانين والفنانات.. أبرزها قفز نعيمة عاكف من برج إيفل لتلحق بزوجها

Related Articles

Back to top button