أحاطوا بنا وقد تطاير من أعينهم شرر الغضب، وارتعشت شواربهم وهم يقولون: دى قلة أدب: وعبثا رحنا نفهمهم أن المسالة تمثيل فى تمثيل.
سميرة بنت “مودون ” يفوح منها عطر، وترتسم على شفتيها ابتسامة عذبة تنادى بالقبل، وهى تصل إلى القرية لترى الأرض الطيبة وتسخر من أهلها الذين يرون الأرض بعرفهم، ولكنها أثناء سخريتها هذه يروق لها وبقى شاب، أكملت فيه الرجولة والفتوة، فضلا عن وسامة وخلق كريم.
وتتحدث إليه فتروعها بساطته، وصفاء نيته، وبخرجان معا ليريها معالم القرية، فتجدها فرصة للدلال.. وهى لعوب: ويسيرا خارج القرية، فترى طبيعة ساحرة، ودنيا تعرى بالحب، وينتظر إليها القروى من طرف خفى، فيبهره ماهى عليه من أنوثة وجمال، وتبدأ اللعب معه فتجرى أمامه ويحاول هو اللحاق بها، ولكنها تسبقة وهى تضحك، ثم تصطدم بجسر فتسقط على الأرض.
ويسرع هو لتعتمد عليه، ويبدأ بتنظف لها ثوبها بيده الغليظة فتقول له: “أنت أيدك تقيلة” فيجيب: “نخففها” ويروح يربت على ظهرها فى رفق وحب ، ثم يضمها لصدره ويقبلها ومن هنا تنشأ عقدة القصة التى كنا تمثلها أمام الكاميرا، فهذا الفتى الريفى الذى هو أنا يعتدى على الفتاة المودون التى هى سميرة أحمد.
وتمضى القصة على هذا المنوال وكنا نؤدى المشهد الذى شرحته فى منطقة الجبل الأصفر، وكنت أرتدى ثياب قروى، ولهذا أنس إلى أبناء الصعيد ممن يعملون فى مزرعة الجبل الأصفر، والتقوا حولنا ليشاهدوا ما ستفعل .
ودارت الكاميرا، وبدأنا السير أنا الجرى أنا وسميرة، ولكن الضحكات تلاشت حين حت أنظف لها ثوبها، وحين ضممتها إلى صدرى سمعت أصوات احتجاج، وتجمهروا حول يريدوت تحطيمها، وجرى بعضهم صوبى وسميرة ليوقفنا عند حدنا فلا نسترسل أمامهم فيما تثور له نخونهم وراح المخرج يحاول اقناعهم عبثا بأن ما يدور مامهم تمثيل فى تمثيل، فقد زحف الغضب على وجوههم وأنذر بشر مستطير، وارتعشت شواربهم وكان ما رآه هو “البروفة”، وكان لا بد ان تعاد، ولكن الإعادة كانت محالة فى مثل هذا الجو، وألخطر أمام أعيننا ورايت بعضهم ينسحب ، ثم يعود وفى يده عصا.
وتوقفنا عن العمل تمامًا ورحنا نتحدث إليهم، ولكنهم لم يقتنعوا بشى مما قلنا واعتبروا مانفعل “قلة أدب” لايليق أن ترتكب أمام أبناء الصعيد وكنت أعرف أن هؤلاء الرجال الصارمين يعملون.