الشيخ أشرف محمد محسن يكتب: مظاهر الحُزن

إن ما تعيشه النفس الإنسانية من القيم الشعورية الكثيرة مما يرتبط بحوادث تحدث للإنسان فى عمره المديد كثيرة، وهى بكثرتها تختلف باختلاف هذه الحوادث، فمن حب واشتياق ورغبة وأمل وقوة فى النفس، ومن خوف وحزن وجبن وبخل وكره وحقد …. الخ

هذه بعض شعور النفس الإنسانية، فمنها ماهو داعية للعمل والتمسك بالأمل، ومنها ما هو مذل للنفس مفتر لها عن السعى والكدح، فباختلاف هذا الشعور يختلف حال الإنسان من قوة وضعف، ومن إقبال على الحياة وإدبار عنها.

ومن أخطر ذلك الشعور على النفس شعور الحزن، فمع أنه فيه بعض مظاهر الرحمة، والتى تتمثل فى البكاء على فقد حبيب أو الوقوع فى مصيبة أو محنة، ربما كان الحزن بمظهره الطبيعى خروج من حالة إلى أخرى أفضل منها، لكن ذلك الحزن الذى يخرج المرء عن حد الاعتدال إلى حد الإفراط، ومن الرضا بالمقدور إلى التسخط على القضاء، ومن الإكمال فى عمارة الأرض إلى الركون والعقود، ومن العمل والإنتاج إلى الاستسلام، فإن ذلك شر كله وليس فيه من معنى الحزن ذلك المعنى من الرحمة إنما هو من حالات اليأس والقنوط.

والإسلام مع علمه بطبيعة النفس البشرية أباح لها إظها الحزن فى المصيبة وهى فقد عزيز على النفس ثلاثة أيام، إلا من الزوجة على زوجها، والحداد على الميت هو إظهار الحزن، لكن منه مشروع وغير مشروع فالمشروع من مظاهر الحزن ممكن أن يكون فى الثوب وفى الزينة الظاهرة وفى التعطر، كل هذا من إظهار الحزن، كذلك جعل العزاء بعد ثلاثة أيام مكروها إلا لمن لم يعلم، أو لم يمكنه العزاء لسبب خارج عنه.

وإنما جُعل ذلك كذلك حتى تستقيم الحياة على نسق واحد، فيه يؤدى كل واحد وظيفته، فلا يصرفه حزنه عما يجب عليه من عمارة الأرض والسعى على تحصيل الرزق، ولأن الحزن مهلك للنفس والعقل والروح، فجعل كل شيء بقدر.