الشيخ أشرف محسن يكتب: الإعلام والإلحاد
لا يمكن إنكار قيمة الإعلام فى مواده ومعروضه وتحليلاته فى توجيه الرأى العام، وهو من أهم العوامل المؤثرة فى دنيا الناس وسلوكياتهم وأخلاقهم ومعتقداتهم، إذ أنه يمتلك من المؤثرات السمعية والبصرية مالا يمتلكه غيره من وسائل الإقناع الأخرى.
وبإمكان الإعلام صياغة الفكرة المستحيلة ليجعلها ممكنه بل واقعة، وكذلك يمكنه جعل الحق باطلا والباطل حقا، بأيسر طريق وأسهله.
وإذا كان الإعلام اليوم أصبح علما بأدواته ووسائله وما يمتلكه آلة ضخمة وإمكانيات هائلة، فلا يمكن اعتبار ما يخرج منه خرج عبثا أو بلا ترتيب أو خطة مسبقة.
فالإعلام قادر على إسقاط حكومات، وإشعال حروب، وإخماد أخرى، وقلب الحقائق، والحق إن الإعلام بهذه المعطيات لو توفرت له النية الصالحة والقصد السليم لأصبح واحدا من أهم توجهات الحق ووسائله، ويمكن القول أنه بإمكانه تحويل العالم إلى مكان أفضل، لو صدقت النوايا.
والفكرة الإلحادية تظل فكرة عند صاحبها، إذ الإنسان لا يخلو من تساؤلات واستفسارات، ويقلب الإنسان العادى فكرة يمنة ويسرة فيتعرض لبعض الأفكار التى تشوه فكره، فيحتاج إلى من يحل له بعض هذه الإشكالات، ويرد عليه بعض اسفساراته، فى أسلوب علمى منطقى، لكن الإعلام لا يفعل هذا، بل إنه فى الوضع الراهن يزيد من هذه الأسئلة بل يحولها من أسئلة ساذجة إلى أسئلة لها طابع علمى، فيحول من لم يسأل إلى أن يجعل عقله يفكر ويدخله الشم الذى لم يخطر له على بال، ثم يثبت المتشكك على تشككه ويزيده رهقا على رهقه، ثم يقنعه بأنه صاحب عقل مفكر واع والحق إنه أبعد ما يكون عن الوعى.
إذ الفكرة الإلحادية أساسها ضعفين: ضعف إيمانى، وضعف علمى، فبالأول يجترئ على الفكرة ويقتحمها من غير تهيب لها ولا لما تستتبعه، وبالثانى لا يستطيع أن يرد على أسئلة نفسه، وهنا تظهر قيمة الإعلام الفعليه، فإما أن يرده بأدواته ووسائله إلى الحق، وإما أن يزيده فى تسائله فلا يرجع إلى الحق إلا بشئ خارج عنه من نعمة الله عليه أو بفكرة فى عقله ترده إلى إيمانه.