أحمد فرحات يكتب: الممارسة النقدية..الموت لا يستأذن
إذا أردت راحة بالك فاجعل نفسك أعمى، صامتا، أصم كأنك لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم، وإن تكلمت فقل الحق جهرا..
وما فارقتُ قربَ الناسِ من عبثِ ولا أقوى على ملء الفراغات
لكن جرحا من الأحباب أقنعني أن القريبين أولى بالخسارات
وما يعني خروج الروحِ إن خرجتْ فهذا الموت لا يعني النهايات
فكم عندي من الأحـــياء أعرفـهم ولكني أعـــاملهم كأمــوات
إن الممارسة النقدية هي ممارسة لغوية في المقام الأول، والأدب عموما لا يمكن أن يكون إلا توسيعا لبعض خصائص اللغة.
وأن حقلا أكاديميا بكامله هو الأسلوبية تم إيجاده على الحدود المشتركة للدراسات الأدبية وعلم اللغة؛ فالأدب ليس إلا امتدادا لبعض خصائص اللغة. ومن ثم فقد نشأت علاقة وطيدة بين الدراسات الأدبية والنقدية باللغة.
وقد تراءى من خلال الممارسات النقدية أن الخصوصية اللغوية التي تستدعيها النصوص الشعرية المنتقاة تعنى باستثمار الطاقات اللغوية الكامنة فيها. فالفنون القولية (مسموعة أو مكتوبة) تنطلق من اللغة، وتنتهي بأفكار لا متناهية الدلالة لدى المتلقي.
ومن الصعب أن تنحسر المادة النقدية على الجانب اللغوي المعياري، بل لا بد أن تتجاوز الجامد منها، وتنطلق إلى آفاق جمالية تتسم بقدرتها على النفاذ إلى عوالم الخيال والمجاز وتصور الأشياء بطبيعة غير طبيعتها المادية الصلبة.
وقد بدا لنا تصور خطير يتمثل في انشغال المهتمين بالحقول اللغوية الجافة للولوج إلى النص الأدبي شعرا ونثرا.
وبدت تطغى المادة اللغوية الحامدة على الجمالي بشكل لافت، أو تحويل مسار الدراسة الجمالية إلى دراسة محدودة تنحصر في الالتفاف حول الجمالي، و المجازي، و الخيالي بأدوات محدودة جدا، إذ عالم النص الشعري أو الروائي أو القصصي أو المسرحي يتجاوز اللغة المعيارية للنفاذ إلى اللغة السحرية الخيالية التي لا يتحكم فيها اعتدال المنطق اللغوي المعروف لدى علماء اللغة.
ومن هنا فقد غدت الدراسات النقدية القائمة على الجانب اللغوي فحسب دراسات عقيمة، حيث تغولت فيها عناصر غير جمالية طغت على سطح الرقعة النقدية فأصابتها بالجفاف والنضوب.
خطراتُ ذكرك تستثيرُ مودتي … فأحسُّ منها في الفؤاد دبيبا
لا عضوَ لي إلا وفيه صبابةٌ … فكأن أعضائي خُلقن قلوبا
إننا نؤمن إيمانا صادقا بالطاقات الجمالية للغة الشعرية، وليست اللغة المعيارية، فاللغة الشعرية قادرة على فك أسرار النص الشعري من المجازات والإيحاءات الثرية التي يتشكل النص منها كالحالة النفسية، والسياق العام الذي نشأ فيه ذلك النص الذي أدى إلى التمرد على الشق النحوي الجاف.
اقرأ أيضاً..د.أحمد سيد رجب يكتب: ” اللغة العربية بين المقالي والموضوعي للثانوية العامة “
لأول مرة مسابقة «سامية حبيب للمقال النقدي» بملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي