الشيخ أشرف محسن يكتب: الوسائل والمقاصد

إذا أحب الإنسان أن يبلغ غاية يريدها فلابد له من وسيلة توصله إياها، فالمسافر إلى مكان ما يريد وسيلة يذهب بها، ومن أراد الولد فوسيلته أن يتزوج، معنى هذا أنه لابد من الوسائل حتى نبلغ مقاصدنا.
والوسائل والمقاصد باب من أبواب أصول الفقه الإسلامي، لتحرير بعض المسائل التى تعرض للفقهاء، ويريدون الحكم على هذه التصرفات.

وفى حياتنا هذه التى نعيشها، يجرى على أذهان الناس وعقولهم كلمة: الغاية تبرر الوسيلة، وهى كلمة مجرمة، تنقل المرء من الإيمان بأن الله موجود مطلع عالم بالنوايا، إلى أن يرتكب ما يشاء، وأن يفعل ما يريد حتى يبلغ غايته، ومعلوم أن أكثر ما يستخدم ذلك فى السياسة، فلا الأخلاق حاكمة، ولا الدين حاكم، ولا مبدأ يحكم، وهذا ما فرضته السياسة العالمية اليوم.
والحق أن الوسائل لها حكم الغايات، والغايات تأخد حكم الوسائل، فإذا استعنت بمباح على ارتكاب محرم، صار ذلك المباح محرما، وإذا استعنت بمحرم على ارتكاب مباح، صارت الغاية محرمة، والوسائل والمقاصد متداخلان فى الحكم، فيحمل كل واحد منهما حكم الآخر.
فطلب الغنى مباح، ولابد أن تكون وسيلته مباحة، وكذلك طلب الولد مباح، فلابد أن يكون وسيلته حلالا.
ويشهد لذلك حديث النبى صل الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) فهنا الهجرة واحدة، لكن الغاية مختلفة، والهجرة نفسها مباحة، أو واجبة فى مرحلة ما قبل الفتح، لكن غاية المهاجر مختلفة، فأحدهما لله ورسوله، والآخر لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فغاية كل واحد تحدد الحكم من واجب أو مباح إلى محرم.
وهذا معنى أن الوسائل لها حكم الغايات، وكذلك لو استعان بمحرم على بلوغ واجب، صارت الغاية محرمة، فمن نقض العهد حتى يحصل على منافع وإن كانت حلالا، أصبح ما يصل إليه من غايته محرما، بسبب الوسيلة التي استعملها.
فمن ذا يستطيع أن يزعم أن الغاية تبرر الوسيلة؟ أو أن المهم أن تصل إلى مبتغاك؟