الشيخ أشرف محسن يكتب: الدين والتدين

كل دين له أعمال ظاهرة وأعمال باطنة، أعمال للجوارح وأعمال للقلوب، والأعمال الظاهرة هى التى تتمايز بها المعتقدات والأفكار.

فالصلاة أعمال ظاهرة نحكم بها على صاحبها أنه من أهل الأيمان، ولها أعمال باطنة مثل: الخشوع واستحضار القلب، بها تقبل الصلاة أو ترد على صاحبها، والزكاة والحج والعمرة والصيام…الخ، وسائر الأعمال التي لها تعلق بالجوار ولها تعلق بالقلب.

كذلك السمت الظاهر فى اللباس وغيره فالحجاب عمل من أعمال الجوارح، وهو أمر شرعى يثاب فاعله ويعاقب تاركه، ولها التزام يفرضه القلب على صاحبه.

ونحن ننظر إلى الأعمال الظاهرة فى الحكم على الأشخاص، بالصلاح أو الفساد، بالإيمان أو بضده، لكن ليست النجاة على الأعمال الظاهرة فقط، فالحكم على الناس بناء على الظاهر من حالهم أمر دينى، فنحن لم نكلف بالشق عما فى قلوب الناس والأعمال الظاهرة هى الدين.

أما التدين فشئ مختلف بعض الاختلاف، إذ التدين شىء فى القلب يفرضه الخوف والرغبة فيما عند الله، وتفرضه المحبة له سبحانه، وهو كذلك ما وقر فى قلب صاحبه فيما عند الله وما يرجوه منه سبحانه.

ونحن لا ننظر لهذا لأننا لا نعرفه على وجه اليقين لأنه أمر قلبى، وما فى القلب لا يعلمه إلا الله.

وإذا كان الله أمرنا بأعمال ظاهرة، وحث عليها، إلا أنه سبحانه أخبرنا بأنه يعلم ما تُكن صدورهم وما يعلنون، وأنه عليم بذات الصدور، وأنه يعلم السر وأخفى، وأنه يعلم النجوى ….الخ، مما أخبر بنا به أنه مطلع على النوايا وعلى الصدور وعلى أهواء الناس، فجعل ربنا سبحانه وتعالى المسلم رقيب على نفسه فيما يفعل وفيما يدع، بل رقيب على نفسه فى الفعل هل أداه كما أمر الله أم قصر.

ثم جعل مدار النجاة على الجمع بين الأعمال الظاهرة والباطنة، بين فعل ما أمر الله ظاهرا وبين الإتيان بما أمر الله باطنا.

هذا هو الضابط الذي نحتكم إليه فى الدنيا، الحكم على الناس بناء على أفعالهم، ومرد حقيقة أمرهم لله.
والواحد فينا لا يتسطيع أن يحكم بنجاة أحد أو هلاكه بناء على أفعاله حسنة أو سيئة، فعلم هذا موكول لله رب العالمين.

وكذلك تصور أن الأعمال وحدها تُنجى صاحبها، كذلك تصور مغلوط، إذ لابد مع الأعمال القلب، ولابد مع هذا كله فضل الله تعالى حتى ينجو صاحب العمل، فإذا نجى كان ذلك بفضل الله، وإذا هلك كان ذلك بعمل الإنسان وعدل الله تعالى.