عبدالله الحواج في مقدمة كتابه ” أيام من عمري”: المنامة علمتني مبادئ التجارة

 

في أمسية مفعمة بعبق زمن الطيبين والنجاح والانجاز، استضافت جمعية تاريخ وآثار البحرين ضمن فعاليات موسمها الثقافي 70، الرئيس المؤسس رئيس مجلس أمناء الجامعة الأهلية البروفيسور عبدالله الحواج، الذي سلط الأضواء على ايام من تجربته الحياتية والأكاديمية في لقاء اتسم بمشاعر المحبة والاريحية تحت عنوان (أيام من عمري).

 

انطلقت الفعالية بكلمة لرئيس الجمعية الدكتور عيسى أمين الذي شدد على اهتمام الجمعية بالتعاون والشراكة مع المؤسسات الجامعية التي تزخر بالكفاءات العلمية والأكاديمية وفي مقدمتها الجامعة الأهلية، مرحبا بضيف الأمسية وجمهور الحاضرين متمنيا للأمسية كل النجاح والتوفيق.

 

وبعد تعريف موجز قدمته مديرة الأمسية الدكتورة زهرة حرم، تناول البروفيسور عبدالله الحواج دفة الحديث شاكرا ومقدرا لجمعية تاريخ وآثار البحرين بقيادة الدكتور عيسى أمين جهودها ونجاحها في مواسمها الثقافية المستمرة منذ 70 عاما.

 

وقال الحواج في مستهل حديثه أن من أصعب الأشياء أن يتحدث الانسان عن نفسه أو سيرته، وأوضح أن طفولته الأولى كانت في المخارقة بالمنامة بالقرب من السوق وفرضة المنامة، حيث كانت الكلمة العملة الأقوى في السوق، بالكلمة تتم معاملات وصفقات كبيرة بمبالغ ضخمة .. وتطرق الحواج إلى تجربته مع أخوته حين فقد والدته وكان لم يتجاوز السبع سنين قائلا:

 

“تجربة فقد والدتي رحمها الله كانت صعبة ومريرة، لكن والدي رحمه الله أخذ دور الأب والأم حتى تزوج بناء على وصيتها من ابنة عمتها في وقت لاحق”. كنا تناول الحواج بالحديث ما تعلمه من والده من قيمة عالية للصدق وحفظ الأمانة والاحسان إلى الآخرين.

 

ومما استذكره الحواج تعلمه صناعة البشوت من الحاج خميس في سن مبكرة والصعوبات التي كان يلقاها في الحياكة لأنه أعسر ما كان يعرضه للعقوبة البدنية في العديد من الأحيان.

 

وتطرق إلى تجربته المدرسية حيث تنقل من مدرسة النعيم إلى مدرسة السلمانية ثم المدرسة الوسطى، وكان النصيب الأوفر من تجربته المدرسية في مدرسة الهداية الخليفية حيث أكمل فيها المراحل الابتدائية والاعدادية والثانوية بعد أن انتقلت العائلة إلى المحرق حيث خاض وهو ابن عشر سنين مسؤولية إدارة دكان والده في المحرق حيث كان والده وأخيه الاكبر جواد يديران الدكان الأساسي بالقرب من باب البحرين في المنامة.

 

ومن المحرق أيضا تنامت الروح القومية والعربية في شخصية البروفيسور الحواج كما يسرد معرفا بتجربته، مع ما عاشته المحرق من تجربة متقدمة وزاخرة في هذا المجال.

 

ثم تطرق إلى تخرجه مع أخيه جواد بتفوق من المرحلة الثانوية وطموحهما نحو الدراسة الجامعية التي لم تكن متاحة إلا خارج البحرين حينها، حيث كان على أحدهما أن يظل مع الوالد ويساعده في أعمال التجارة، ثم تهيأت له فرصة الدراسة في جامعة الكويت بعد حصوله على بعثة دراسية فقرر أخوه جواد أن يستمر في العمل مع الوالد ويدرس عبر الانتساب لجامعة بيروت العربية.

 

وتناول الحواج العلاقات القوية التي تربط الكويت بالبحرين قيادة وحكومة وشعبا، كما تطرق إلى تأثير التيارات والمشاعر القومية على شخصيته في المرحلة الجامعية وخصوصا منظمات التحرر الفلسطينية حيث كان الفلسطينيون أصحاب تحرك سياسي واسع في تلك المرحلة.

 

ثم تناول تجربته المهنية بعد التخرج من الجامعة في مكتب الاحصاء بصفته خريج رياضيات ومشاركته الفاعلة في تنظيم قوائم انتخابات عام 1973 حيث أسندت إليه مهام القائم بأعمال مدير الإحصاء آنذاك، ليعود مجددا بعد فترة وجيزة إلى مقاعد الدراسة ولكن في المملكة المتحدة لاستكمال برنامجي الماجستير والدكتوراه، ليعود ويعمل أستاذا مساعدا في جامعة البحرين ويشارك في العديد من لجانها وهيئاتها حيث تخلل ذلك عدة زيارات للولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا بوسطن وجامعاتها الخاصة التي تشكل رافدا كبيرا في الاقتصاد الأمريكي والتي حقق عدد منها قصص نجاح ملهمة في مجالات التعليم والبحث العلمي.

 

ومن هناك انطلقت آمال الحواج نحو تحول البحرين إلى بوسطن الخليج والمنطقة، خصوصا وأن جامعة البحرين كانت ترفض أعداد كبيرة من الطالبات السعوديات والبحرينيات الراغبات في الالتحاق بها نتيجة محدودية الطاقة الاستيعابية للجامعة، حيث كان البروفيسور عبدالله الحواج عميد القبول والتسجيل وكان من يشرف على هذه الأمور بنفسه.

 

فبدأت رحلته نحو العمل على تأسيس جامعة خاصة في مملكة البحرين وجمع معه مؤسسين من الأكاديميين الإعلام من البحرين ودول الخليج وشرعوا في خطواتهم نحو تأسيس الجامعة التي اصطدمت بصخرة وجهة النظر التقليدية آنذاك التي كانت ترى أن التعليم من مسؤوليات واختصاص الدول وليس أي جهة أخرى.

 

إلى أن توجت جهود البروفيسور الحواج بالنجاح مع انطلاقة المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، حيث نجح البروفيسور الحواج في استصدار ترخيص أول جامعة خاصة في البحرين بعد 3 أسابيع من تصويت شعب البحرين على ميثاق العمل الوطني، الذي جاء فيه أن دولة البحرين تشجع إنشاء الجامعات الأهلية والخاصة.

 

يضيف البروفيسور الحواج: 42 عائلة ومؤسسة آمنت بتأسيس الجامعة الأهلية بوصفها مشروعا وطنيا تنويريا غير ربحي، وقد نجحت هذه الجامعة في ابتعاث 23 بحرينيا لدراسة الدكتوراه في أرقى الجامعات العالمية يعمل عدد منهم في التدريس في الجامعة الأهلية اليوم، وقد قال لنا البعض: لستم جامعة حكومية حتى تقدمون بعثات للطلبة لدراسة الدكتوراه، فكانت إجابتنا نحن لا نختلف عن الجامعة الحكومية في مسؤوليتنا اتجاه المجتمع ونظرتنا للربحية مختلفة عن الآخرين، حيث نؤمن أن الربح الحقيقي للجامعة في تخريجها كفاءات تشكل اضافة نوعية في المجتمع وتسهم بشكل فاعل في رسالة التنوير.

 

تضمنت الفعاليات العديد من المداخلات لزملاء وأصدقاء البروفيسور عبدالله الحواج الذين أكدوا على الجانب الإنساني في شخصيته وجهوده من أجل الآخرين والتي ربما أغفلها تواضعا وتجنبا لمدح الذات. إحدى المداخلات كانت لتلميذته الدكتورة معصومة المطاوعة التي عبرت عن شكرها الكبير للبروفيسور الحواج لأنه كان الدافع الأول لها لمواصلة دراستها العليا والرفيق الداعم والمساند لها في العديد من محطات حياتها حتى حققت حلمها في أن تصبح استاذة جامعية ملهمة كما كان أستاذها وقدوتها الأول في الحياة.