“رجال الفكر والإصلاح فى الإسلام” .. كتاب يتحدث عن 10علماء تصدوا لانحرافات العصر

كثيرة هى الكتب التى أثرت المكتبة العربية والإسلامية، وأضافت لها معانى وأفكار، وكثير هم مفكرى الإسلام وعلماؤه، لكل واحد منهم مشروع طغى عليه، وجعله هو مشروع عمره.

وإن من بين العلماء المحدثين المعاصرين علامة الهند السيد أبو الحسن على الحسينى الندوى، أحد علماء الهند وأدبائها الكبار، وصاحب دعوة وجهاد، له أسلوب فى الكتابة يمتاز بالسهولة واليسر، يجمع بين أطياف الأمة ولا يفرق، يجد الاختلاف بين العلماء مزية وليس عيبا، لكل مدرسة من مدارس الإسلام حسناتها

ولد رحمه الله فى ٦ محرم ١٣٣٣ هجرية الموافق ١٩١٤ ميلادية بقرية تكية علان فى الولاية الشمالية أُترَابرديش، وتوفى فى يوم الجمعة ٢٣ من رمضان عام ١٤٢٠ هجرية الموافق يوم ٣٠ ديسمبر عام ١٩٩٩ ميلادية فى مسقط رأسه.
ومن أعظم كتبه رحمه الله كتاب “رجال الفكر والإصلاح فى الإسلام” فى أربعة مجلدات، طبعت أخيرا فى مجلدين، تكلم فيها عن عشرة من العلماء الفضلاء أصحاب المشاريع، هم عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وأحمد بن حنبل، وجلال الدين الرومي، وأبو الحسن الأشعري، وأبو حامد الغزالي، وعبد القادر الجيلاني، وابن تيمية، والسرهندى، والدهلوى، والأخيران من الهند.

لم يترجم لهؤلاء العلماء الأفذاذ الترجمة المعروفة بالمولد والتعليم والنشأة إلى غير ذلك، وإنما عُنِى رحمه بالمشاريع العلمية لكل واحد من هؤلاء، وما تصدوا له من انحرافات عصرهم بأسلوب سهل أدبى رصين، يناسب العالم والمثقف العادى، لا يحفل رحمه الله بتخطئة أحد على حساب أحد إنما كان يصف الواقع وصفا دقيقا، ثم يبين ما فعل هذا العالم لتغيير هذا الواقع

ولنأخذ مثالأ على ذلك:
عمر ابن عبدالعزيز رحمه الله وصف العلامة الندوى رحمه الله ما أحاط بالخلافة من البعد عن المنهج القويم، والبعد عن سيرة الخلفاء الراشدين، وحالة الظلم فى بعض تصرفات الخلفاء قبل عمر رحمه الله، وكيف أنه رحمه الله حاول أن يرد الخلافة على ما كان عليه أيام الخلفاء الراشدين، سواء فى نفسه وأهل بيته، وما أخذه على نفسه من الزهد، وهو من هو سليل بيت الملك، والفتى المدلل فى بنى أمية.

أو ما كان من إصلاحات داخل الدولة الإسلامية، ونظره للولاة والعمال، وإقامته العدل فى الرعية.

وأعظم ما يميزه رحمه الله تمسكه المطلق بالشرع فى كل صغيرة وكبيرة، وشاردة وواردة، مع علمه الواسع بدين الله عز وجل، حتى قيل لولا الخلافة لكان لعمر بن عبد العزيز مذهبا كالمذاهب الفقية، وهو اول من أمر بتدوين سنة رسول الله صل الله عليه وسلم، وأسقط كثيرا من المكوث والضرائب التى كانت تؤخذ من الناس قبل عهده، حتى فاض بيت المال، وكان الرجل يخرج بصدقته فلا يجد من يقبلها.

وكان يميل إلى الرفق فى كل أحيانه، حتى وهو يكتب إلى أعداءه فكان يقدم الرفق أولا ثم يثنى بالتهديد والوعيد.
ثم إن أردت العجب بل أشد العجب فهو فى أنه ولى الخلافة ثلاثون شهرا فقط، ومات وهو ابن تسع وثلاثون سنة وأشهرا، يعنى أن هذه الإصلاحات كانت فى أقل فترة ممكنه، لكنها بركة الشرع والتمسك به.
فهذا مثل من أمثلة الكتاب لم يكن من هم المؤلف رحمه الله أن يترجم لحياته إنما كان همه ماذا فعل صاحبنا فى مفاسد عصره وكيف تصدى لها من مكان صاحبها وما توفر له.

رحم الله العلامة الندوى رحمة واسعة ورضى الله عنه وأسكنه فسيح جناته