“أنا فلسطين وزوجي إسرائيل”..قصة قصيرة للكاتب حسين عبد العزيز
ما أن انفرج باب الشقة حتى رمت ألاء بنفسها على من فتح الباب وكان الذى تلقاها هو أمها أميرة محمود المهدى التى شهقت وصرخت لما شعرت به من قوة قذف بنتها فى حضنها.
أخذتها ورجعت بظهرها إلى الخلف ثم بسرعة وقفت لبرهة لتغلق الباب، ثم صرخت فى زوجها الجالس أمام شاشة التلفاز منذ أول النهار ليتابع الأحداث التى تحدث فى فلسطين منذ شهر أو اكثر، وكان يتحدث مع زوجته فى الذى يحدث و يدلو بدلوه فيه.
نظر الزوج إلى زوجته التى تحتضن ابنتها، وقال بهدوء العارف بالمشكلة التى لم تذكر أمامه بعد.
– خير ؟!
ثم وقف وتقدم من ابنته وأخذها فى حضنه وقبلها فى خدها الأيمن ثم قال لزوجته “هاتي حاجه لابنتك لكى تشربها ” انصرفت الأم الى المطبخ ودمعتها مازالت على خدها.
أشعل الأب سيجارة وأخذ يشرب فيها بعصبيه، أما ألاء فكانت تنظر إلى شاشة التلفاز وما تنقله من أحداث دامية تقع فى فلسطين، وبعد جهد جهيد تمكن من فتح فاه وقال
– خير يا بنتى ايه اللى حصل مع جوزك.
لم تنشغل ألاء بما قاله الأب أو تعير الأم انتباه وهى تضع كوب العصير، أو وهى تجلس بجوارها، وقد جلست على جزء من فخذها، ورغم ذلك لم تعر البنت أمها اهتماما، لأن ما تراه على شاشة التلفاز سرق كل انتباهها.
ولم تفق من حزن ما تراه إلا بعد أن خرجت المذيعة مقدمة الأخبار إلى فاصل، فاستدارت ناحيه الأم ولمحت كوب العصير موضوع وأبيها ينظر إليها.
فمدت يدها وأخذت الكوب لتشرب ما به على دفعات متلاحقة، وما أن انتهت حتى قالت لأبيها المشغول باخبار فلسطين بعد أن تربعت فى جلستها ( تعرف يا أبو ألاء مشكلتي مع محمد جوزى ابن الدايخة
ايه، هى نفس مشكلة فلسطين مع إسرائيل).
حجزت عينى الرجل وهو ينظر إلى أبنته فى ذهول وفتح فاه على آخره، فظهرت أسنانه التى وقع نصفها والنص الباقى قد تمكن منه السوس الذى اخذ ينخر فيها وفجأة قال
– ايه ماذا تقولى ؟! ماذا تعنى بانك فلسطين وجوزك إسرائيل
كل هذا والأم مازالت صامته و نظرها موزع ما بين ابنتها وزوجها، ولا تجد ما تقوله غير الصمت، فصمتت وهى تحدق فى ابنتها التى اخذت تشرح وجهة نظرها فى مشكلتها ومشكلة فلسطين.
حيث قالت ( جوزى عبقرى فى استفزازى وجعلى اخرج عن شعورى بعد أن افقد السيطرة على أعصابي وما أن أفقد أعصابي وأبدا بالكلمة الأولى أو الضربة الأولى حتى أجد الدنيا قد اسودت ولم أعد أرى أمامي قيد انمله لأنى قدمت له الاسباب التى تدعوه لضربي او قتلى لو أمكن.
بالضبط مثل ما حدث فى فلسطين حيث تحرشت اسرائيل بالفلسطينيين فى الشيخ جراح والآن فى غزه وكان ما كان كما نعلم جميعا ، كذلك يفعل زوجى من استفزازي، حيث ما حدث له أمس لم يكن أول مره يحدث، فقد فقد القدرة على المعاشرة الجنسية، منذ فترة وكلما حاول يفشل فيغضب فيثور فيكون مثل الثور الهائج الذى يسهل استفزازه وإخراجه عن المعقول، فيسهل قتله كما يحدث فى مصارعة الثيران).
يحدق الأب فى ابنته وعلى شفتيه ابتسامه رضى عن شرح ابنته.
أما الأم فقد توجهه إلى الحمام لتقضي حاجتها التى أصبحت تقلقها كثيرا بسبب مرض السكر اللعين و التبول الكثير.
قال الأب بعد أن أخرج السيجارة من بين شفتيه
– والحل يا بنتى
– لى أم لفلسطين
– نعم ؟!
نطقها الأب وهو يمسح دموعه التى أخذت فى التساقط
أما الأم فقد ظهرت وهى تعدل ملابسها وقد توجهه إلى حيث توجد صنية القلل وأخذت قله لتشرب منها كثيرا لأنها تشعر بالعطش الذى يسببه السكر.
ثم استدارت إلى زوجها وجلست بجواره وقالت
– هى بنتك قالت ايه
نظر إليها بطرف عينه وقال مغموما ( قضية بنتك مثل القضية الفلسطينية، أو مثل الثور الموجد فى مصارعة الثيران )
– يا خويا اتنيل على عينك وقل يعنى ايه.
اقرأ أيضاً..قصور الثقافة تشارك في معرض جامعتي الأزهر والمنصورة
معرض فني لثقافة بورسعيد احتفالا باليوبيل الذهبي للنصر