أحمد فرحات يكتب : الست هدى وعلي بك الكبير

 

 

 

اعتن بسمعتك جيدا فستثبت لك الأيام أنها أغلى ما تملك!

هكذا أرادت الست هدى أن تصفع الرجال صفعة قوية لتثبت لهم أنها على قدر كبير من الوعي بطبيعتهم، ربما كانت على حق لأنها تزوحت-وهذا حق مشروع-  لكنها ليست على حق إطلاقا في تعدد الأزواج والعلاقات بشكل مخيف ومرعب، وإنجاب البنات والبنين من سبعة أزواج مختلفين، فقد ظلمت أبناءها وبناتها، وقدمت للمجتمع أسرة مفككة متناحرة، يغلب عليها حب الشهوات والأنانية، والمغامرة غير المحسبوبة في إدراك طبيعة الأسرة المصرية.

 

أدرك شوقي بحس الشاعر المسرحي الكبير تفكك الأسرة المصرية، وضياع قيمها ومبادئها القائمة على الفطرة السليمة، وأهمية بناء البيت المصري على أسس المحبة والتفاهم بين الإخوة فجعل شخصية مسرحيته الملهاوية الست هدى تتزوج رجلا، وبعد أن تمل منه إما بالموت أو الكره أو عدم التفاهم فتنتقل إلى علاقة جديدة ينشأ عنها طفل بريء، ثم تنتقل إلى آحر لتقيم معه علاقة ينتج عنها طفل آخر، حتى أصبحت أسرة الست هدى في مهب الضياع والتشتت والكره وغرست في بناتها حب الشهوات والأنانية بحجة أن الزواج حق مشروع.. لها أن تتزوج متى شاءت فيسخر منها القارئ ويتعجب من امتلاك امرأة كل هذه القدرة الفذة لإنجاب أطفال مشوهين نفسيا، لا أب لهم.

 

إن المرأة التي تقدم على الزواج من رجال متعددين وإنجاب أطفال أبرياء فإنما تقدم للمجمتع عيبا أخلاقيا، وانحرافا اجتماعيا واضخا هي بمثابة قنبلة عنقودية متعددة الأذرع؛ فكل بنت من بناتها ستكوّن أسرة مفككة كأسرة أمها، وتنفخ فيهن سمومها الشهوانية القاتلة. فأنا لا أتصور امرأة تتعرض للطلاق خمس عشرة مرة من سبعة أزواج، والغريب أنها تبحث عن الثامن!

 

قدم شوقي الست هدى وفي ذهنه إصلاح المجتمع المصري من هذه الآفة السامة. كما قدم مسرحية علي بك الكبير، وهو أحد أعظم الشخصيات المملوكية في تاريخ مصر، وهو مجهول الأصل، وخضع لتربية عسكرية صارمة، وقد استطاع هذا الرجل أن يصل إلى منصب شيخ البلد، وأن يعزل الوالي العثماني على مصر، مستغلًا انشغال الخلافة العثمانية في حربها مع روسيا، كما استطاع القضاء على نفوذ خصومه، وأن يُحكِم قبضته على مصر بوجهيها القبلي والبحري، ولم يكتف فقط بذلك، بل ضم إليها كل من أرض الحجاز والشام، ولكن ما لبث أن ضاع منه ملكه بعد أن انقلب عليه محمد بك أبو الدهب ذراعه الأيمن، زوج ابنته.

 

وقد تناول شوقي الشخصية التاريخية في هذا العمل المسرحي الذي حمل اسمها باقتدار وتمكن .وفيها أوضح شوقي أصالة علي بك ووطنيته وأنه لم يستعن بجيوش روسية(المسيحية) ضد أبي الدهب الذي يمثل الخلافة الإسلامية، وناضل حتى مات جريحا في معركة الصالحية ضد أبي الدهب بمحافظة الشرقية في الثامن من مايو 1773م.

 

اقرأ أيضاً..تفسير حلم الشعر الطويل للمتزوجة

اعرف تفسير رؤية الكعبة في المنام لابن سيرين